الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
بِفَتْحِ الصَّادِ، وَكَسْرِهَا يُقَالُ: أَصْدَقْت الْمَرْأَةَ، وَمَهَرْتُهَا، وَأَمْهَرْتُهَا حَكَاهَا الزَّجَّاجُ، وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ لَا يُقَالُ: أَمْهَرْتُهَا (وَهُوَ الْعِوَضُ الْمُسَمَّى فِي عَقْدِ نِكَاحٍ، وَ) الْمُسَمَّى (بَعْدَهُ) أَيْ: النِّكَاحُ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا فِيهِ وَكَمَا يُسَمَّى صَدَاقًا يُسَمَّى مَهْرًا، وَصَدَقَةً، وَنِحْلَةً، وَفَرِيضَةً، وَأَجْرًا وَعَلَائِقَ، وَعُقْرًا وَجِبَاءً (وَهُوَ) أَيْ: الصَّدَاقُ (مَشْرُوعٌ فِي نِكَاحٍ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}. قَالَ عُبَيْدٌ: يَعْنِي: عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِهِ كَمَا تَطِيبُ النَّفْسُ بِالْهِبَةِ، وَقِيلَ: نِحْلَةٌ مِنْ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ،؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ، وَزَوَّجَ بَنَاتِهِ عَلَى صَدَاقَاتٍ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ فِي النِّكَاحِ (وَتُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ (فِيهِ) أَيْ: النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا} (وَ) يُسْتَحَبُّ (تَخْفِيفُهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا {أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً} رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ،، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ {أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟ فَقَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرُوقِ هَذَا الْجَبَلِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصْنَ عَنْ عَشَرَةِ. دَرَاهِمَ (وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ) فِضَّةٍ (وَهُوَ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ الْأَرْبَعِمِائَةِ (صَدَاقُ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خَمْسِمِائَةٍ) دِرْهَمٍ فِضَّةٍ (وَهِيَ) أَيْ: الْخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ (صَدَاقُ أَزْوَاجِهِ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَوَى أَبُو الْعَجْفَاءِ قَالَ: " سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: لَا تُغَالُوا فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى فِي الْآخِرَةِ كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: {سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَنَشًّا} قَالَتْ: أَتَدْرِي مَا النَّشُّ؟ قُلْت لَا: قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ،، وَالْأُوقِيَّةُ كَانَتْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (وَإِنْ زَادَ) الصَّدَاقُ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ (فَلَا بَأْسَ) لِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا، وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ، وَأَمْهَرَهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَجَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ فَلَمْ يَبْعَثْ إلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَوْ كُرِهَ لَأَنْكَرَهُ (وَكَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ...} الْآيَةَ. (وَلَا يَتَقَدَّرُ) الصَّدَاقُ (فَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا) فِي بَيْعٍ (أَوْ أُجْرَةٍ) فِي إجَارَةٍ (صَحَّ مَهْرًا، وَإِنْ قَلَّ) لِحَدِيثِ {الْتَمِسْ، وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ} وَحَدِيثِ {لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْطَى امْرَأَةً صَدَاقًا مِلْءَ يَدِهِ طَعَامًا كَانَتْ لَهُ حَلَالًا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ {أَنَّ امْرَأَةً مِنْ فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَضِيَتْ مِنْ مَالِكِ، وَنَفْسِكِ بِنَعْلَيْنِ قَالَتْ: نَعَمْ فَأَجَازَهُ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ. وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفٌ يُتَمَوَّلُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى فَلْسٍ وَنَحْوِهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَصَاحِبُ الْإِقْنَاعِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، (وَلَوْ عَلَى مَنْفَعَةِ زَوْجٍ أَوْ) مَنْفَعَةِ (حُرٍّ غَيْرِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (مَعْلُومَةٍ) أَيْ: الْمَنْفَعَةِ (مُدَّةً مَعْلُومَةً كَرِعَايَةِ غَنَمِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً) (أَوْ) عَلَى (عَمَلٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبِهَا، وَرَدِّ قِنِّهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مِنْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ)، وَمَنَافِعُ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ شُعَيْبٍ لِمُوسَى {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحُكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}؛ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ يَجُوزُ الْعِوَضُ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ فَجَازَتْ صَدَاقًا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَنْهَا وَبِهَا. ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَالًا فَقَدْ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمَالِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَجْهُولَةً كَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ أَوْ خِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ لَمْ يَصِحَّ الْإِصْدَاقُ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ. (وَ) كَأَنْ يُصْدِقَهَا (تَعْلِيمَهَا) أَيْ: الْمَنْكُوحَةَ (مُعَيَّنًا مِنْ فِقْهٍ أَوْ. حَدِيثٍ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً فَيُعَيِّنُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كُلُّهُ أَوْ بَابٌ مِنْهُ أَوْ مَسَائِلُ مِنْ بَابٍ، وَفِقْهُ أَيِّ مَذْهَبٍ وَأَيِّ كِتَابٍ مِنْهُ، وَأَنَّ التَّعْلِيمَ تَفْهِيمُهُ إيَّاهَا أَوْ تَحْفِيظُهُ (أَوْ شِعْرٍ مُبَاحٍ أَوْ أَدَبٍ) مِنْ نَحْوٍ، وَصَرْفٍ، وَمَعَانٍ، وَبَيَانٍ وَبَدِيعٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ) يُصْدِقَهَا تَعْلِيمَهَا (صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ) أَيْ: الْعَمَلَ الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا، (وَيَتَعَلَّمُهُ ثُمَّ يُعَلِّمُهَا) إيَّاهُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِصْدَاقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا (وَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ أَيْ: مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا) وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا أَوْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةَ ثَوْبٍ فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ، وَإِنَّ مَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَخِيطُهُ، وَإِنْ جَاءَتْهُ بِغَيْرِهَا لِيُعَلِّمَهُ مَا أَصْدَقهَا لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَأَتَتْهُ بِغَيْرِهِ لِيَخِيطَهُ لَهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْلِيمِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ غَيْرِهَا. وَإِنْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ لِيُعَلِّمَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ لِاخْتِلَافِ الْمُعَلِّمِينَ فِي التَّعْلِيمِ وَقَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّعَلُّمِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ زَوْجَهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ: مَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً تَعْلِيمَ شَيْءٍ (بِطَلَاقِهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ، وَدُخُولٍ) بِهَا (نِصْفُ الْأُجْرَةِ) لِلتَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلَا تُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمِهَا الْفِتْنَةُ. (وَ) إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَعْلِيمٍ (بَعْدَ دُخُولٍ فَ) عَلَيْهِ (كُلُّهَا). أَيْ: الْأُجْرَةِ لِاسْتِقْرَارِ مَا أَصْدَقَهَا بِالدُّخُولِ (وَإِنْ عَلَّمَهَا) مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ (ثُمَّ سَقَطَ) الصَّدَاقُ لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا (رَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ (بِالْأُجْرَةِ) لِتَعْلِيمِهَا لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ بِالتَّعْلِيمِ. (وَ) يَرْجِعُ (مَعَ تَنَصُّفِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ لِنَحْوِ طَلَاقِهِ إيَّاهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا (بِنِصْفِهَا) أَيْ: أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا فَوُجِدَتْ حَافِظَةً لِمَا أَصْدَقَهَا) تَعْلِيمَهُ، (وَادَّعَى تَعْلِيمَهَا) إيَّاهُ (فَأَنْكَرَتْهُ حَلَفَتْ)؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنْ عَلَّمَهَا مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ ثُمَّ نَسِيَتْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ، وَفَّى لَهَا بِهِ، وَإِنَّمَا تَلِفَ الصَّدَاقُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلَّمَا لَقَّنَهَا شَيْئًا نَسِيَتْهُ لَمْ يُعَدَّ تَعْلِيمًا عُرْفًا. (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَوْ) كَانَ مَا أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ (مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ)؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}، وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}، وَالطَّوْلُ الْمَالُ وَمَا رُوِيَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلًا عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تَكُونُ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ مَهْرًا} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لَا يَقَعُ إلَّا قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَقَعَ صَدَاقًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ {زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ: زَوَّجْتُكهَا؛ لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ كَمَا زَوَّجَ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ذِكْرُ التَّعْلِيمِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِذَلِكَ الرَّجُلِ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ. (وَمَنْ تَزَوَّجَ) نِسَاءً (أَوْ خَالَعَ نِسَاءً)، وَكَانَ تَزَوُّجُهُ لَهُنَّ (بِمَهْرٍ) وَاحِدٍ (أَوْ) كَانَ خُلْعُهُ لَهُنَّ (عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ)، وَلَمْ يَقُلْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ (صَحَّ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عُلِمَ الْعِوَضُ فِيهِ إجْمَالًا فَلَمْ تُؤَثِّرْ جَهَالَةُ تَفْصِيلِهِ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، (وَقَسْمُ) الْمَهْرِ فِي التَّزْوِيجِ، وَالْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ (بَيْنَهُنَّ) أَيْ: الزَّوْجَاتِ أَوْ الْمُخْتَلِعَاتِ (عَلَى قَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ)؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةِ الْقِيمَةِ فَوَجَبَ تَقْسِيمُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا. (وَلَوْ قَالَ) مُتَزَوِّجٌ تَزَوَّجْتهنَّ عَلَى أَلْفٍ (بَيْنَهُنَّ) أَوْ قَالَ مُخَالِعٌ خَالِعَتهنَّ عَلَى أَلْفٍ بَيْنَهُنَّ (فَ) قَبِلْنَ فَالْأَلْفُ يُقْسَمُ (عَلَى عَدَدِهِنَّ) أَيْ: الزَّوْجَاتِ، وَالْمُخْتَلِعَاتِ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَيْهِنَّ إضَافَةً وَاحِدَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ بِلَا خِلَافٍ: وَإِنْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي،، وَاشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ مَثَلًا صَحَّ. وَقَسَّطَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمَهْرِ مِثْلِهَا،، وَزَوَّجْتُكَهَا، وَلَك هَذَا الْأَلْفُ بِأَلْفَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ كَمُدِّ عَجْوَةٍ.
(ويشترط علمه) أي: الصداق (كالثمن، فَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا) مُطْلَقَةً (أَوْ دَابَّةً) مُطْلَقَةً (أَوْ ثَوْبًا) مُطْلَقًا (أَوْ عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ) أَصْدَقَهَا (رَدَّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ، أَوْ) أَصْدَقَهَا (خِدْمَتَهَا) أَيْ: أَنْ يَخْدُمَهَا (مُدَّةً فِيمَا شَاءَتْ، أَوْ) أَصْدَقَهَا مَعْدُومًا نَحْوَ (مَا يُثْمِرُ شَجَرُهُ) فِي هَذَا الْعَامِ (أَوْ) مُطْلَقًا، و(نَحْوَهُ) كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا حَمْلَ أَمَتِهِ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (مَتَاعَ بَيْتِهِ) أَوْ مَا فِي بَيْتِهِ مِنْ مَتَاعٍ وَلَا تَعْلَمُهُ (وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا أَوْ عَلَى طَيْرِهِ فِي هَوَاءٍ أَوْ سَمَكٍ فِي مَاءٍ أَوْ حَشَرَاتٍ أَوْ مَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَقِشْرَةِ جَوْزَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْإِصْدَاقُ أَيْ: التَّسْمِيَةُ لِجَهَالَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَدْرًا، وَصِفَةً،، وَالْغَرَرُ، وَالْجَهَالَةُ فِيهَا كَثِيرٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَدْرِ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ أَوْ الْحُصُولِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ. (وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ أَوْ خَلَا الْعَقْدُ) أَيْ: عَقْدُ النِّكَاحِ (عَنْ ذِكْرِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ وَهُوَ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ (يَجِبُ) لِلْمَرْأَةِ (مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ)؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بِبَدَلٍ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْبَدَلَ، وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعِوَضِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِخَمْرٍ فَتَتْلَفُ عِنْدَ مُشْتَرٍ. (وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ يَسِيرٍ) فِي صَدَاقٍ (فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ) صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ) بِشَرْطِ تَعْيِينِ نَوْعِهَا كَفَرَسٍ مِنْ خَيْلِهِ أَوْ جَمَلٍ مِنْ جِمَالِهِ أَوْ بَغْلٍ مِنْ بِغَالِهِ أَوْ حِمَارٍ مِنْ حَمِيرِهِ أَوْ بَقَرَةٍ مِنْ بَقَرِهِ وَنَحْوِهِ صَحَّ (أَوْ) أَصْدَقَهَا (قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ وَنَحْوَهُ) كَخَاتَمٍ مِنْ خَوَاتِمِهِ (صَحَّ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ يَسِيرَةٌ، وَيُمْكِنُ التَّعْيِينُ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا، وَأَطْلَقَ. (وَ) لَوْ أَصْدَقَهَا (قِنْطَارًا مِنْ زَيْتٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَقِنْطَارٍ مِنْ سَمْنٍ أَوْ قَفِيزٍ مِنْ ذُرَةٍ (صَحَّ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَهَا الْوَسَطُ)؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ. (وَلَا يَضُرُّ غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ) فِي صَدَاقٍ (فَيَصِحُّ) أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى) رَقِيقٍ (مُعَيَّنٍ آبِقٍ) يُحَصِّلُهُ (أَوْ) عَلَى (مُغْتَصَبٍ يُحَصِّلُهُ) لَهَا. (وَ) عَلَى (دَيْنِ سَلَمٍ، وَ) عَلَى (مَبِيعٍ اشْتَرَاهُ) وَلَوْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ زَرْعٍ (وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَ) عَلَى (عَبْدٍ) وَنَحْوِهِ (مَوْصُوفٍ)؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ يَزُولُ بِتَحْصِيلِ الْآبِقِ وَالْمُغْتَصَبِ، وَاسْتِيفَاءُ مُسَلَّمٍ فِيهِ، وَتَسْلِيمُ مَبِيعٍ وَتَحْصِيلِ مَوْصُوفٍ وَاحْتِمَالُ الْغَرَرِ فِيمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ احْتِمَالِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ، وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِيهِمَا أَحَدُ رُكْنَيْ الْعَقْدِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (فَلَوْ جَاءَهَا) الزَّوْجُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ: الْمَوْصُوفِ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا (أَوْ خَالَعَتْهُ) الزَّوْجَةُ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوِ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ (فَجَاءَتْهُ بِهَا) أَيْ: بِقِيمَةِ الْمَوْصُوفِ الَّذِي خَالَعَتْهُ عَلَيْهِ (لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُهَا) أَيْ: الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ عَمَّا لَمْ يَتَعَذَّرْ تَسْلِيمُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مِنْ أَبِيهَا. (وَ) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَسِيرٌ (فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ فَاسْتَحَقَّ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَهَا (عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ) تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ (إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ) مِنْ (بَلَدِهَا، وَ) عَلَى (أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَخْرَجَهَا) مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا (وَنَحْوِهَا) أَيْ: هَذِهِ الصُّورَةُ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سُرِّيَّةٌ، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ (صَحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خُلُوَّ الْمَرْأَةِ مِنْ ضَرَّةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ تُغَايِرُهَا وَتَضِيقُ عَلَيْهَا مِنْ أَكْبَرِ أَغْرَاضِهَا الْمَقْصُودَةِ وَكَذَا بَقَاؤُهَا بِدَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا وَفِي وَطَنِهَا، وَلِذَلِكَ تُخَفِّفُ صَدَاقَهَا لِتَحْصِيلِ غَرَضِهَا، وَتُغَلِّيهِ عِنْدَ فَوَاتِهِ، و(لَا) يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَيْنِ إنْ كَانَ) أَبُوهَا (مَيِّتًا)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَوْتِ أَبِيهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ وَرُبَّمَا كَانَ حَالُ الْأَبِ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَيَكُونُ الصَّدَاقُ مَجْهُولًا. (وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ قِنٍّ لَهُ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (صَحَّ)؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، و(لَا) يَصِحُّ أَنْ يُصْدِقَهَا (طَلَاقَ زَوْجَةٍ لَهُ أَوْ) أَنْ يُصْدِقَهَا (جَعْلَهُ) أَيْ: طَلَاقِ ضَرَّتِهَا (إلَيْهَا إلَى مُدَّةٍ) وَلَوْ مَعْلُومَةً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ أُخْرَى}؛ وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ خَمْرٍ (وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ. (وَمَنْ قَالَ لِسَيِّدَتِهِ: اعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ فَأَعْتَقَتْهُ) عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ مَجَّانًا (أَوْ قَالَتْ) لَهُ سَيِّدَتُهُ (ابْتِدَاءً أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي عَتَقَ مَجَّانًا) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَطَتْهُ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ تَهَبَهُ دَنَانِيرَ فَيَقْبَلَهَا؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الرَّجُلِ لَا عِوَضَ لَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ (وَمَنْ قَالَ) لِآخَرَ: (اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي) فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَلَى ذَلِكَ (لَزِمَتْهُ) أَيْ: الْقَائِلَ (قِيمَتُهُ) لِمُعْتِقِهِ (بِعِتْقِهِ)، وَلَمْ يَلْزَمْ الْقَائِلَ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ لِمُعْتِقِ عَبْدِهِ (كَ) قَوْلِهِ لِآخَرَ (اعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي) فَفَعَلَ فَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِعِتْقِهِ لَا أَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ أَبَاهَا صَحَّ نَصًّا، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ فَلَهَا قِيمَتُهُ وَإِنْ جَاءَهَا بِهَا مَعَ إمْكَانِ شِرَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهَا؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ عَلَيْهَا الْغَرَضُ فِي عِتْقِ أَبِيهَا. (وَمَا سُمِّيَ) فِي الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ (أَوْ فُرِضَ) بَعْدَ الْعَقْدِ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا (مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَحِلَّهُ) بِأَنْ قِيلَ: عَلَى كَذَا مُؤَجَّلًا (صَحَّ) نَصًّا (وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ) الْبَائِنَةُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ فِي الصَّدَاقِ الْمُؤَجَّلِ تَرْكُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ إلَى الْمَوْتِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مَعْلُومًا بِذَلِكَ،، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ بَعْضِهِ حَالًّا، وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ الْآنَ بِخِلَافِ الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ فَلَا يَصِحُّ لِجَهَالَتِهِ، وَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَإِنَّ أَجَلَهُ الْفُرْقَةُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَقَدْ صَرَفَهُ هُنَا عَنْ الْعَادَةِ ذِكْرُ الْأَجَلِ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَبَقِيَ مَجْهُولًا. قَالَ فِي الشَّرْحِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ التَّسْمِيَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ التَّأْجِيلُ، وَيَحِلَّ انْتَهَى. قُلْت: وَالثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ فَهُنَا أَوْلَى.
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ صَحَّ النِّكَاحُ نَصًّا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَفْسُدُ بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ فَلَا يَفْسُدُ بِتَحْرِيمِهِ كَالْخُلْعِ؛ وَلِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِهِ وَلَوْ عُدِمَ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَكَذَا إذَا فَسَدَ (وَوَجَبَ) لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِاقْتِضَاءِ فَسَادِ الْعِوَضِ رَدَّ عِوَضِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ وَهِيَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ. (وَ) إنْ يَتَزَوَّجَهَا (عَلَى عَبْدٍ فَخَرَجَ حُرًّا أَوْ) خَرَجَ (مَغْصُوبًا فَلَهَا قِيمَتُهُ)، وَيُقَدَّرُ حُرٌّ عَبْدًا (يَوْمَ عَقْدٍ) لِرِضَاهَا بِقِيمَتِهِ إذْ ظَنَّتْهُ مَمْلُوكًا لَهُ وَكَمَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَعِيبًا فَرَدَّتْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَصْدَقْتُك هَذَا الْحُرَّ أَوْ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ كَرِضَاهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ إذَا رَضِيَتْ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ أَوْ بِمَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمْلِيكِهِ لَهَا فَوُجُودُ التَّسْمِيَةِ كَعَدَمِهَا فَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ سَلَّمَهُ لَهَا أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهُ فَهُوَ كَعَدَمِهِ. (وَلَهَا فِي اثْنَيْنِ) أَصْدَقَهَا إيَّاهُمَا إمَّا مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (فَبَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا) الرَّقِيقُ (الْآخَرُ، وَقِيمَةُ الْحُرِّ) أَيْ: الَّذِي خَرَجَ حُرًّا نَصًّا وَكَذَا لَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ، وَالْأَوَّلُ لَا مَانِعَ مِنْهُ. (وَتُخَيَّرُ) زَوْجَةٌ (فِي عَيْنٍ) جُعِلَتْ لَهَا صَدَاقًا كَدَارٍ، وَعَبْدٍ (بَانَ جُزْءٌ مِنْهَا) أَيْ: الْعَيْنِ (مُسْتَحَقًّا) بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ الْعَيْنِ كُلِّهَا أَوْ أَخْذِ جُزْءٍ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ، وَقِيمَةِ الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فَكَانَ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعُيُوبِ (أَوْ) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِي (عَيْنٍ ذَرَعَهَا فَبَانَتْ أَقَلَّ) مِمَّا عَيَّنَ كَأَنْ عَيَّنَهَا عَشْرَةً فَبَانَتْ تِسْعَةً (بَيْنَ أَخْذِهِ) أَيْ: الْمَذْرُوعِ (وَ) أَخْذِ (قِيمَةِ مَا نَقَصَ) مِنْهُ مِنْ ذَرْعِهِ (وَبَيْنَ) الرَّدِّ، و(أَخْذِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيعِ الْمَذْرُوعِ لِعَيْبِهِ بِالنَّقْصِ (وَمَا وَجَدَتْ بِهِ) الْمَرْأَةُ (عَيْبًا) مِنْ صَدَاقٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ) وَجَدَتْهُ (نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَتْهَا فَكَمَبِيعٍ) يَجِدُهُ مُشْتَرٍ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا صِفَةً شَرَطَهَا فِيهِ فَلَهَا رَدُّهُ، وَطَلَبُ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ، وَلَهَا إمْسَاكُهُ مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ فَقْدِ الصِّفَةِ، وَالْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ إنْ نَقَصَ بَعْضُ الصِّفَاتِ لَهَا إمْسَاكُهُ أَوْ رَدُّهُ، وَطَلَبُ بَدَلِهِ فَقَطْ. (وَلِمُتَزَوِّجَةٍ عَلَى عَصِيرٍ بَانَ خَمْرًا مِثْلَ الْعَصِيرِ)؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَالْمِثْلُ إلَيْهِ أَقْرَبُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ فِي الْإِتْلَافِ، وَكَذَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَلًّا فَبَانَ خَمْرًا وَإِنْ قَالَ أَصْدَقْتهَا هَذَا الْخَمْرَ، وَأَشَارَ إلَى خَلٍّ أَوْ عَبْدِ فُلَانٍ هَذَا، وَأَشَارَ إلَى عَبْدِهِ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ، وَلَهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ كَبِعْتُكَ هَذَا الْأَسْوَدَ أَوْ الطَّوِيلَ مُشِيرًا إلَى أَبْيَضَ أَوْ قَصِيرٍ. (وَيَصِحُّ) أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ (عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا أَوْ) عَلَى (أَنَّ الْكُلَّ) أَيْ: كُلَّ الصَّدَاقِ (لَهُ) أَيْ: لِأَبِيهَا (إنْ صَحَّ تَمَلُّكُهُ) مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ شُرُوطِهِ فِي الْهِبَةِ فَيَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْأَبِ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لَهُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الْإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ،؛ وَلِأَنَّ لِلْوَالِدِ أَخْذُ مَا شَاءَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بِدَلِيلِهِ فِي الْهِبَةِ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الصَّدَاقَ أَوْ بَعْضَهُ كَانَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ " أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلَافٍ فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ، وَالْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ: جَهِّزْ امْرَأَتَكَ " وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الْحُسَيْنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْأَبُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ كَكَوْنِهِ بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفِ أَوْ لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ آخَرَ (فَالْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الصَّدَاقِ (لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (كَشَرْطِ ذَلِكَ) أَيْ: الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (لِغَيْرِ الْأَبِ) كَجَدِّهَا، وَأَخِيهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ نَصًّا وَلَهَا الْمُسَمَّى جَمِيعُهُ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا اُشْتُرِطَ عُوِّضَ فِي تَزْوِيجِهَا فَكَانَ صَدَاقًا لَهَا كَمَا لَوْ جَعَلَهُ لَهَا فَتَنْتَفِي الْجَهَالَةُ (وَيَرْجِعُ) زَوْجٌ (إنْ فَارَقَ) أَيْ: طَلَّقَ، وَنَحْوَهُ (قَبْلَ دُخُولٍ فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا (بِأَلْفٍ) عَلَيْهَا دُونَ أَبِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ أَلْفًا فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ. (وَ) يَرْجِعُ إنْ فَارَقَ قَبْلَ دُخُولٍ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ كُلَّهُ لِأَبِيهَا (بِقَدْرِ نِصْفِهِ) عَلَيْهَا (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ إنْ قَبَضَتْهُ مَعَ النِّيَّةِ) أَيْ: نِيَّةِ تَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَا أَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ لَهَا ثُمَّ أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْهَا فَصَارَ كَأَنَّهَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا. (وَ) إنْ فَارَقَ الزَّوْجُ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ فَالْأَبُ (يَأْخُذُ) مِمَّا تَقْبِضُهُ (مِنْ الْبَاقِي مَا شَاءَ بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ كَسَائِرِ مَالِهَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ بِالشَّرْطِ بَلْ بِالْقَبْضِ مَعَ النِّيَّةِ.
وَلِأَبٍ تَزْوِيجُ بِكْرٍ، وَثَيِّبٍ بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَوْ كَبِيرَةً (وَإِنْ كَرِهَتْ) نَصًّا؛ لِأَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ {أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدُقَاتِ النِّسَاءِ فَمَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أَحَدًا مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً} وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ فَكَانَ اتِّفَاقًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَزَوَّجَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَعِلْمًا، وَدِينًا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَهْرَ مِثْلِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ، وَوَضْعُ الْمَرْأَةِ فِي مَنْصِبٍ عِنْدَ مَنْ يَكْفِيهَا، وَيَصُونُهَا، وَيُحْسِنُ عِشْرَتَهَا دُونَ الْعِوَضِ (وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا) إذَا زَوَّجَ الْأَبُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (تَتِمَّتُهُ) لَا الزَّوْجَ وَلَا الْأَبَ لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ) بِأَنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا (بِإِذْنِهَا صَحَّ) مَعَ رُشْدِهَا وَلَا اعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي بَيْعِ سِلْعَتِهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا. (وَ) إنْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ غَيْرُ الْأَبِ (بِدُونِهِ) أَيْ: إذْنِهَا (يَلْزَمُ زَوْجًا تَتِمَّتُهُ) أَيْ: مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ إذَنْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا فَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بِمُحَرَّمٍ، وَعَلَى الْوَلِيِّ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَا لَهَا بِدُونِ قِيمَتِهِ (وَنَصُّهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَيَلْزَمُ (الْوَلِيَّ) تَتِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَقْدِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ (كَ) مَا يَلْزَمُ (تَتِمَّتِهِ) مُقَدَّرٌ (مَنْ) أَيْ: وَلِيِّ (زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِدُونِ مَا قَدَّرَتْهُ) مِنْ صَدَاقٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صِيغَةٌ. بِتَزْوِيجِهَا بِدُونِهِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. (وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ) الْمَهْرِ (الْمُسَمَّى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى زَوْجَةٍ) كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ عَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا إذْ لَوْ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ لَمَلَكَتْهُ وَلَوْ مَلَكَتْهُ لَعَتَقَ عَلَيْهَا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ (بِإِذْنِ) زَوْجَةٍ (رَشِيدَةٍ) فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ رَضِيَتْ. (وَإِنْ زَوَّجَ أَبٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ) وَلَزِمَ الْمُسَمَّى الِابْنَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ بِدُونِهِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ لِلِابْنِ غِبْطَةٌ، وَمَصْلَحَةٌ فِي بَذْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْأَبُ أَعْلَمُ بِمَصْلَحَتِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ: الْمَهْرَ (أَبٌ مَعَ عُسْرَةِ ابْنٍ) لِنِيَابَةِ الْأَبِ عَنْهُ فِي التَّزْوِيجِ أَشْبَهَ الْوَكِيلَ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ (وَلَوْ قِيلَ: لَهُ) أَيْ: لِلْأَبِ (ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ) الْمَهْرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ غَيْرُ الْأَبِ أَوْ ضَمِنَ لَهُ نَفَقَتَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَيَصِحُّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا (وَلَوْ قَضَاهُ) أَيْ: قَضَى الْأَبُ الصَّدَاقَ (عَنْ ابْنِهِ ثُمَّ طَلَّقَ) الِابْنُ الزَّوْجَةَ (وَلَمْ يَدْخُلْ) أَيْ: قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا (وَلَوْ) كَانَ طَلَاقُهُ (قَبْلَ بُلُوغِ) الزَّوْجِ (فَنِصْفُهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ الرَّاجِعِ بِالطَّلَاقِ (لِلِابْنِ) دُونَ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الِابْنِ وَهُوَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَكَانَ لِمُتَعَاطِي سَبَبِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّتْ وَنَحْوُهُ فَرَجَعَ كُلُّهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَمْ يَمْلِكْهُ مِنْ قِبَلِهِ وَكَذَا لَوْ قَضَاهُ عَنْهُ غَيْرُ الْأَبِ ثُمَّ تَنَصَّفَ أَوْ سَقَطَ، وَيَأْتِي. (وَلِأَبٍ قَبْضُ صَدَاقِ) بِنْتٍ (مَحْجُورٍ عَلَيْهَا) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ كَثَمَنِ مَبِيعِهَا، و(لَا) يَقْبِضُ أَبُ فَقِيرَةٍ أَوْلَى مِنْ صَدَاقِ مُكَلَّفَةٍ (رَشِيدَةٍ وَلَوْ بِكْرًا إلَّا بِإِذْنِهَا)؛ لِأَنَّهَا الْمُتَصَرِّفَةُ فِي مَالِهَا فَاعْتُبِرَ إذْنُهَا فِي قَبْضِهِ كَثَمَنِ مَبِيعِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَبْضَ الصَّدَاقِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا فِي مَالِهَا.
وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ) نِكَاحُ (حُرَّةٍ)؛ لِأَنَّهَا تُسَاوِيهِ (وَمَتَى أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ فِي نِكَاحٍ (وَأَطْلَقَ نَكَحَ وَاحِدَةً فَقَطْ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْإِطْلَاقِ، (وَيَتَعَلَّقُ صَدَاقٌ، وَنَفَقَةٌ، وَكِسْوَةٌ، وَمَسْكَنٌ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ) سَوَاءٌ ضَمِنَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا نَصًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَقْدٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَتَعَلَّقَ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ كَثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ عَنْهُ كَأَرْشِ جِنَايَةٍ. (وَ) يَتَعَلَّقُ (زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ لَمْ يُؤْذَنْ) لِلْعَبْدِ (فِيهِ) مِنْ قِبَلِ سَيِّدِهِ بِرَقَبَتِهِ (أَوْ) أَيْ: وَيَتَعَلَّقُ زَائِدٌ (عَلَى مَا سَمَّى لَهُ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ (بِلَا إذْنِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (لَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ فَهُوَ بَاطِلٌ نَصًّا وَكَذَا لَوْ أَذِنَ فِي مُعَيَّنَةٍ أَوْ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جِنْسٍ مُعَيَّنٍ فَخَالَفَهُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ مَرْفُوعًا {أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ وَالْعِهْرُ دَلِيلُ بُطْلَانِ النِّكَاحِ إذْ لَا يَكُونُ عَاهِرًا مَعَ صِحَّتِهِ، (وَيَجِبُ فِي رَقَبَتِهِ بِوَطْئِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ فِي نِكَاحٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ سَيِّدُهُ (مَهْرُ الْمِثْلِ)؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبُضْعِ الَّذِي أَتْلَفَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَشْبَهَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. (وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ لَزِمَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (مَهْرُ الْمِثْلِ يُتْبَعُ) أَيْ: يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ (بِهِ بَعْدَ عِتْقٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ إتْلَافُ بُضْعٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْعَبْدُ فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ فِي ذِمَّتِهِ (وَإِنْ زَوَّجَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ سَيِّدُهُ (حُرَّةً، وَصَحَّ). النِّكَاحُ بِأَنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ دُونَ الصِّحَّةِ (ثُمَّ بَاعَهُ) أَيْ: بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ (لَهَا) أَيْ: لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ (بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: ذِمَّةِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ (مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ) الَّذِي أَصْدَقَهُ إيَّاهَا (تَقَاصًّا بِشَرْطِهِ) بِأَنْ يَتَّحِدَ الدَّيْنَانِ جِنْسًا، وَصِفَةً، وَحُلُولًا أَوْ تَأَجَّلَا أَجَلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ، وَثَبَتَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ الْمَهْرُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ فَإِنْ اتَّحَدَ قَدْرُهُمَا سَقَطَا وَإِلَّا سَقَطَ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ وَلِرَبِّ الزَّائِدِ الطَّلَبُ بِالزِّيَادَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ الْمَهْرِ، وَبَاعَهَا الْعَبْدُ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا وَلَوْ جَعَلَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ بَطَلَ الْعَقْدُ (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (لَهَا) أَيْ: لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ الْحُرَّةِ (بِمَهْرِهَا صَحَّ) الْبَيْعُ (قَبْلَ دُخُولٍ، وَبَعْدَهُ)؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَالٌ يَصِحُّ جَعْلُهُ ثَمَنًا لِغَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ (وَيَرْجِعُ سَيِّدٌ) بَاعَ الْعَبْدَ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ (فِي فُرْقَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ بِنِصْفِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا تَمَّ بِالسَّيِّدِ الْقَائِمِ مَقَامَ الزَّوْجِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ سَبَبُ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ دُخُولٍ وَكَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ رَجَعَ عَلَيْهَا سَيِّدٌ بِنِصْفِهِ.
(وَتَمْلِكُ زَوْجَةٌ) حُرَّةٌ، وَسَيِّدُ أَمَةٍ (بِعَقْدٍ جَمِيعَ) مَهْرِهَا (الْمُسَمَّى) لِحَدِيثِ: {إنْ أَعْطَيْتَهَا إزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إزَارَ لَكَ}؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يَمْلِكُ فِيهِ الْمُعَوِّضُ بِالْعَقْدِ فَمَلَكَ بِهِ الْعِوَضَ كَامِلًا كَالْبَيْعِ، وَسُقُوطُ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ جَمِيعِهِ بِالْعَقْدِ إذْ لَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ جَمِيعُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَلَكَتْ نِصْفَهُ. (وَلَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (نَمَاءُ) مَهْرٍ (مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ) مُعَيَّنٍ، (وَدَارٍ) مُعَيَّنَةٍ مِنْ حِينِ عَقْدٍ فَكَسْبُ الْعَبْدِ، وَمَنْفَعَةُ الدَّارِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهَا وَلِحَدِيثِ {الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ} (وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ: الْمَهْرِ الْمُعَيَّنِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا إلَّا نَحْوَ مَكِيلٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، (وَضَمَانُهُ) أَيْ: الْمَهْرِ إنْ تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهَا، (وَنَقْصُهُ) إنْ تَعَيَّبَ كَذَلِكَ (عَلَيْهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (إنْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ)؛ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ بِالْمَنْعِ (وَإِلَّا) يَمْنَعُهَا الزَّوْجُ قَبْضَ صَدَاقِهَا الْمُعَيَّنِ (فَ) ضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ، وَنَقْصُهُ إنْ تَعَيَّبَ (عَلَيْهَا) لِتَمَامِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ إلَّا نَحْوَ مَكِيلٍ (كَزَكَاتِهِ) فَهِيَ عَلَيْهَا، وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهَا قَبْضَهُ، وَحَوَّلَهَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ عَقْدٍ، وَفِي مُبْهَمٍ مِنْ تَعْيِينٍ. (وَ) الصَّدَاقُ (غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ)، وَكَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةِ حَدِيدٍ أَوْ دَنِّ زَيْتٍ وَنَحْوِهِ (لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهَا) إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ (وَلَا تَمْلِكُ تَصَرُّفًا فِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ كَمَبِيعٍ) أَيْ: كَمَا لَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرٍ وَلَا يَمْلِكُ تَصَرُّفًا فِيهِ إلَّا بِقَبْضَةِ. (وَمَنْ أَقْبَضَهُ) أَيْ: الصَّدَاقَ الَّذِي تَزَوَّجَ عَلَيْهِ (ثُمَّ طَلَّقَ) الزَّوْجَةَ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (مَلَكَ نِصْفَهُ) الصَّدَاقِ (قَهْرًا) كَمِيرَاثٍ وَلَوْ صَيْدًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ نَمَائِهِ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} أَيْ: لَكُمْ أَوَّلُهُنَّ فَاقْتَضَى أَنَّ النِّصْفَ لَهَا، وَالنِّصْفَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ (إنْ بَقِيَ) فِي مِلْكِهَا (بِصِفَتِهِ) حِينَ عَقَدَ بِأَنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ. (وَلَوْ) كَانَ الْبَاقِي بِصِفَتِهِ (النِّصْفُ) مِنْ الصَّدَاقِ (فَقَطْ مَشَاعًا) بِأَنْ أَصْدَقَهَا نَحْوَ عَبْدٍ فَبَاعَتْ نِصْفَهُ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ بِصِفَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَيَمْلِكُهُ مَشَاعًا (أَوْ) كَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي (مُعَيَّنًا مِنْ مُتَنَصِّفٍ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا صُبْرَةً فَأَكَلَتْ أَوْ بَاعَتْ، وَنَحْوَهُ نِصْفَهَا، وَبَقِيَ بِمِلْكِهَا نِصْفُهَا فَيَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا وَيَأْخُذُهُ كَمَا لَوْ قَاسَمَتْهُ عَلَيْهِ (وَيَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ: الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ طَلَّقَ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دُخُولٍ وَكَذَا الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِهِ إذَا سَقَطَ (بَيْعٌ) بِأَنْ بَاعَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ (وَلَوْ مَعَ خِيَارِهَا) فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ. (وَ) يَمْنَعُهُ (هِبَةٌ أُقْبِضَتْ) فَإِنْ وَهَبَتْهُ وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى طَلَّقَ وَنَحْوَهُ رَجَعَ بِنِصْفِهِ. (وَ) يَمْنَعُهُ (عِتْقٌ) بِأَنْ كَانَ رَقِيقًا فَأَعْتَقَتْهُ لِزَوَالِ مِلْكِهَا عَنْهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ. (وَ) يَمْنَعُهُ (رَهْنٌ) قُبِضَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ رَهْنُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (وَ) يَمْنَعُهُ (كِتَابَةٌ)؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلْعِتْقِ الْمُزِيلِ لِلْمِلِكِ وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَجَرَى مَجْرَى الرَّهْنِ، و(لَا) يَمْنَعُهُ (إجَارَةٌ، وَتَدْبِيرٌ، وَتَزْوِيجٌ) لِأَنَّهَا لَا تَنْقِلُ الْمِلْكَ وَلَا تَمْنَعُ الْمَالِكَ مِنْ. التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْنَعُ الزَّوْجُ الرُّجُوعَ لَكِنْ بِتَخَيُّرِ الزَّوْجِ لِلنَّقْصِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَكَذَا لَا يَمْنَعُهُ، وَصِيَّةٌ بِهِ وَلَا إعَارَتُهُ أَوْ إيدَاعُهُ أَوْ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً (فَإِنْ كَانَ) الصَّدَاقُ (قَدْ زَادَ) بِيَدِهَا (زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً) كَحَمْلِ بَهَائِمَ عِنْدَهَا، وَوِلَادَتِهَا (رَجَعَ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ) وَهُوَ الْأُمَّاتُ لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُهُ (وَالزِّيَادَةُ) الْمُنْفَصِلَةُ (لَهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهَا (وَلَوْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ (وَلَدَ أَمَةٍ)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ وَلَا تَفْرِيقَ هُنَا لِبَقَاءِ مِلْكِ الزَّوْجَةِ فِي النِّصْفِ. (وَإِنْ كَانَتْ) الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَاقِ (مُتَّصِلَةً) كَسِمَنٍ، وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ. (وَهِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ (غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ دَفْعِ نِصْفِهِ زَائِدًا)، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا دَفَعَتْ إلَيْهِ حَقَّهُ وَزِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ وَلَا تَضُرُّهُ (وَبَيْنَ دَفْعِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ إنْ كَانَ) الصَّدَاقُ (مُتَمَيِّزًا) كَعَبْدٍ، وَبِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ لِدُخُولِ الْمُتَمَيِّزِ فِي ضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَتُعْتَبَرُ صِفَتُهُ وَقْتَهُ، وَإِنَّمَا صِيرَ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا بَذْلُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا دَفْعُ الْأَصْلِ بِدُونِ زِيَادَتِهِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُتَمَيِّزِ بِأَنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ أَوْ فَرَسًا مِنْ خَيْلِهِ إذَا زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً، وَتَنَصَّفَ الصَّدَاقُ (لَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ) وَقْتِ (عَقْدٍ إلَى) وَقْتِ (قَبْضٍ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَى قَبْضِهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهَا) إذَا تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ، وَقَدْ زَادَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً (لَا يُعْطِيهِ) أَيْ: وَلِيَّهَا (إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ) حَالَ الْعَقْدِ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا وَإِلَّا فَيَوْمُ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ قَبْضٍ إلَى عَقْدٍ (وَإِنْ نَقَصَ) الصَّدَاقُ (بِغَيْرِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ) كَعَبْدٍ عَمِيَ أَوْ عَرَجَ أَوْ اعْوَرَّ أَوْ نَسِيَ صَنْعَةً أَوْ جَنَى أَوْ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ، وَكَانَ أَمْرَدَ (خُيِّرَ زَوْجٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِهِ) أَيْ: النِّصْفِ (نَاقِصًا)، وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ: النِّصْفِ فِي نَظِيرِ نَقْصِهِ نَصًّا لِرِضَاهُ بِأَخْذِهِ كَذَلِكَ وَلَوْ وَجَبَ لَهُ أَرْشٌ مَعَ النِّصْفِ لَوَجَبَ لِلزَّوْجَةِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ فَيُخَالِفُ النَّصَّ (وَبَيْنَ أَخْذِ نِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ عَقْدٍ إنْ كَانَ) الْمَهْرُ (مُتَمَيِّزًا)؛ لِأَنَّ نَقْصَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ نِصْفِهِ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ: الْمُتَمَيِّزِ إذَا تَنَصَّفَ وَقَدْ نَقَصَ لِلزَّوْجِ نِصْفُ قِيمَتِهِ (يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ)؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَى قَبْضِ الزَّوْجَةِ إيَّاهُ وَلَهُ أَخْذُ نِصْفِهِ نَاقِصًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِهِ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَأْخُذُ وَلِيُّهُ إلَّا نِصْفَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُ (وَإِنْ اخْتَارَهُ) أَيْ: اخْتَارَ الزَّوْجُ أَخْذَ نِصْفِ الْمَهْرِ (نَاقِصًا بِجِنَايَةٍ) عَلَيْهِ كَأَنْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ كُسِرَتْ رِجْلُهُ بِجِنَايَةٍ (فَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ أَخْذِ نِصْفِهِ نَاقِصًا بِالْجِنَايَةِ (نِصْفُ أَرْشِهَا) أَيْ: الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي نَظِيرِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِهَا (وَإِنْ زَادَ) الصَّدَاقُ (مِنْ وَجْهٍ، وَنَقَصَ مِنْ) وَجْهٍ (آخَرَ) كَعَبْدٍ سَمِنَ، وَنَسِيَ صَنْعَةً (فَلِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ (الْخِيَارُ) فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَهُ نَاقِصًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ دَفَعَتْ نِصْفَهُ زَائِدًا بِالسِّمَنِ أَوْ نِصْفَ قِيمَتِهِ (وَيَثْبُتُ) لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ دَفْعِ النِّصْفِ، وَنِصْفِ الْقِيمَةِ (بِمَا فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ) كَشَفَقَةِ الرَّقِيقِ عَلَى أَطْفَالِ مَالِكِهِ (وَإِنْ لَمْ تُرَدَّ قِيمَتُهُ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ (وَحَمَلَ) حَدَثَ (فِي أَمَةٍ نَقْصٌ، وَ) حَمَلَ (فِي بَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ)؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الْبَهَائِمِ، وَيَنْقُصُ قِيمَةُ الْإِمَاءِ (مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ) فَيَكُونُ نَقْصًا أَيْضًا فِي الْبَهِيمَةِ (وَزَرْعٌ) نَقْصٌ لِأَرْضٍ، (وَغَرْسٌ نَقْصٌ لِأَرْضٍ) وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ (لَا وَلَا أَثَرَ لِكَسْرٍ مَصُوغٍ، وَإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ) فَإِنْ عَادَ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةٍ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا لِسِمَنٍ فَزَالَ ثُمَّ عَادَ وَلَا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ) وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فِيهِ إذَا أَطْلَقَتْ بَعْدَ أَنْ عَادَ مِلْكُهَا. (وَإِنْ تَلِفَ) الصَّدَاقُ بَعْدَ قَبْضِهِ كَمَوْتِهِ وَاحْتِرَاقِهِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ بِدَيْنٍ) كَمَا لَوْ أَفْلَسَتْ، وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ دُخُولٍ إنْ لَمْ يَبْقَ الصَّدَاقُ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ رُجُوعَ الزَّوْجَةِ بِنِصْفِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجْرِ (رَجَعَ) الزَّوْجُ (فِي) صَدَاقٍ (مِثْلِيٍّ بِنِصْفٍ مِثْلِهِ، وَ) رَجَعَ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ (بِنِصْفِ قِيمَةِ مُتَمَيِّزٍ يَوْمَ عَقْدٍ، وَ) رَجَعَ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُتَمَيِّزِ إذَا كَانَ مُتَقَوِّمًا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ (يَوْمَ فُرْقَةٍ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ عَقْدٍ إلَى قَبْضٍ)، وَيُشَارِكُ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ الْغُرَمَاءُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. (وَلَوْ كَانَ) الصَّدَاقُ (ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ) الزَّوْجَةُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ ثُمَّ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ (أَوْ) كَانَ الصَّدَاقُ (أَرْضًا فَبَنَتْهَا) ثُمَّ تَنَصَّفَ الصَّدَاقُ (فَبَذَلَ الزَّوْجُ) لَهَا (قِيمَةً زَائِدَةً) أَيْ: قِيمَةَ زِيَادَةِ نِصْفِ الثَّوْبِ بِالصَّبْغِ أَوْ قِيمَةَ زِيَادَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ بِالْبِنَاءِ (لِيَمْلِكَهُ) أَيْ: النِّصْفَ مِنْ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا أَوْ مِنْ الْأَرْضِ مَبْنِيًّا (فَلَهُ ذَلِكَ) كَالشَّفِيعِ إذَا أَخَذَ بَعْدَ بِنَاءِ مُشْتَرٍ شِقْصًا مَشْفُوعًا، وَكَالْمُعِيرِ يَرْجِعُ فِي أَرْضِهِ، وَفِيهَا بِنَاءُ مُسْتَعِيرٍ وَكَذَا لَوْ غُرِسَتْ الْأَرْضُ. وَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ النِّصْفَ بِزِيَادَتِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهَا زَادَتْهُ خَيْرًا (وَإِنْ نَقَصَ) الْمَهْرُ (فِي يَدِهَا بَعْدَ تَنَصُّفِهِ ضَمِنَتْ نَقْصَهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ طَلَبَهُ، وَمَنَعَتْهُ أَوَّلًا مُتَمَيِّزًا أَوْ لَا إذْ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِقَبْضِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهَا فَنَقَصَهُ عَلَيْهَا (وَمَا قَبَضَ مِنْ) مَهْرٍ (مُسَمًّى بِذِمَّةٍ) كَعَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي ذِمَّتِهِ (كَ) صَدَاقٍ (مُعَيَّنٍ) بِعَقْدٍ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ بِالْقَرْضِ عَيْنًا فَصَارَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ بِالْعَقْدِ (إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهِ) أَيْ: مَا قَبَضَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (صِفَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ)؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ مِلْكِهَا لَهُ وَمَتَى بَقِيَ مَا قَبَضَتْهُ إلَى حِينِ تَنَصُّفِهِ وَجَبَ رَدُّ نِصْفِهِ بِعَيْنِهِ. (وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) فِي قَوْله تَعَالَى {إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (الزَّوْجُ) لَا وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {وَلِيُّ الْعَقْدِ الزَّوْجُ}؛ وَلِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ الزَّوْجُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَطْعِهِ، وَإِمْسَاكِهِ وَلَيْسَ إلَى الْوَلِيِّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، وَالْعَفْوُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى هُوَ عَفْوُ الزَّوْجِ عَنْ حَقِّهِ، وَأَمَّا عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ مَالِ الْمَرْأَةِ فَلَيْسَ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ مَالٌ لِلزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ هِبَتُهُ وَلَا إسْقَاطُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهَا، وَحُقُوقِهَا وَلَا تَمْنَعُهُ الْعُدُولُ عَنْ خِطَابِ الْحَاضِرِ إلَى خِطَابِ الْغَائِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} (فَإِنْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (فَأَيُّهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (عَفَا لِصَاحِبِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ الْآخَرِ (عَمَّا وَجَبَ) أَيْ: اسْتَقَرَّ (لَهُ) بِالطَّلَاقِ (مِنْ) نِصْفِ (مَهْرٍ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (وَهُوَ) أَيْ: الْعَافِي (جَائِزُ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (بَرِئَ مِنْهُ صَاحِبُهُ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. (وَمَتَى أَسْقَطَتْهُ) أَيْ: الْمَهْرَ (عَنْهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَقَتْ) قَبْلَ دُخُولٍ (أَوْ ارْتَدَّتْ) وَنَحْوُهُ (قَبْلَ دُخُولٍ رَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا طَلَقَتْ بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ (بِبَدَلِ نِصْفِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ. (وَ) يَرْجِعُ عَلَيْهَا (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ صَدَاقَهَا (بِبَدَلِ جَمِيعِهِ)؛ لِأَنَّ عَوْدَ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ إلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الرِّدَّةِ، وَهُمَا غَيْرُ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقِّ بِهَا الصَّدَاقُ أَوَّلًا فَأَشْبَهَا مَا لَوْ أَبْرَأَ إنْسَانٌ آخَرَ مِنْ دَيْنٍ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (كَعَوْدِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ (إلَيْهِ) أَيْ: الزَّوْجِ مِنْ زَوْجَتِهِ (بِبَيْعٍ) ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَوْ تَرْتَدُّ فَلْيَرْجِعْ عَلَيْهَا بِبَدَلِ نِصْفِهِ أَوْ كُلِّهِ (أَوْ هِبَتِهَا الْعَيْنَ) الَّتِي أَصْدَقَهَا إيَّاهَا (لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهَا) الْأَجْنَبِيُّ (لَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ ارْتَدَّتْ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بَدَلَ نِصْفِهَا أَوْ كُلِّهَا (وَلَوْ وَهَبَتْهُ) أَيْ: الزَّوْجَ (نِصْفَهُ) أَيْ: الْمَهْرِ (ثُمَّ تَنَصَّفَ) بِطَلَاقٍ وَنَحْوِهِ (رَجَعَ) الزَّوْجُ (فِي النِّصْفِ الْبَاقِي) كُلِّهِ لِوُجُوبِهِ لَهُ بِالطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ وَهَبَتْهُ غَيْرَهُ. (وَلَوْ تَبَرَّعَ) قَرِيبٌ أَوْ (أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ مَهْرٍ) عَنْ زَوْجٍ؛ ثُمَّ تَنَصَّفَ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ سَقَطَ بِنَحْوِ رِدَّةٍ قَبْلَ دُخُولٍ (فَالرَّاجِعُ) مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ (لِلزَّوْجِ)؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ بِغَيْرِ الْجِهَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ أَوَّلًا كَمَا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ: الصَّدَاقِ فِيمَا ذُكِرَ (أَدَاءُ ثَمَنٍ) عَنْ مُشْتَرٍ تَبَرُّعًا (ثُمَّ يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (بِعَيْبٍ) أَوْ تَقَايُلٍ وَنَحْوِهِ (فَالرَّاجِعُ) مِنْ ثَمَنٍ لِمُشْتَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَيَسْقُطُ الصَّدَاقُ كُلُّهُ إلَى غَيْرِ مُتْعَةٍ أَيْ: يَسْقُطُ وَلَا تَجِبُ مُتْعَةٌ بَدَلًا عَنْهُ (بِفُرْقَةِ لِعَانٍ) قَبْلَ دُخُولٍ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَمَّ لِعَانُهَا. (وَ) يَسْقُطُ (بِفَسْخِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ النِّكَاحَ (لِعَيْبِهَا) كَكَوْنِهَا رَتْقَاءَ أَوْ بَرْصَاءَ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ تَسَلُّمِهِ، فَسَقَطَ الْعِوَضُ كُلُّهُ كَمُتْلِفِ مَبِيعٍ بِنَحْوِ كَيْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ (أَوْ) فُرْقَةٍ (مِنْ قِبَلِهَا كَإِسْلَامِهَا تَحْتَ كَافِرٍ) قَبْلَ دُخُولٍ. (وَ) كَ (رِدَّتِهَا، وَرَضَاعِهَا مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا) كَزَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى قَبْلَ دُخُولٍ (وَ) كَ (فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ أَوْ إعْسَارِهِ أَوْ عَدَمِ وَفَائِهِ بِشَرْطٍ) شُرِطَ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ قَبْلَ دُخُولٍ (وَ) كَ (اخْتِيَارِهَا لِنَفْسِهَا بِجَعْلِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (لَهَا) ذَلِكَ (بِسُؤَالِهَا) جَعْلَهُ إلَيْهَا (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ: مَا يُقَرِّرُ الْمَهْرُ مِنْ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ لَمْسٍ وَنَحْوِهَا لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِهَا، وَهِيَ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلصَّدَاقِ، فَسَقَطَ وَإِنْ جَعَلَ الْخِيَارَ إلَيْهَا بِلَا سُؤَالِهَا، وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. (وَيَتَنَصَّفُ) صَدَاقُهَا (بِشِرَائِهَا زَوْجَهَا) قَبْلَ دُخُولٍ لِتَمَامِ الْبَيْعِ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الزَّوْجِ. فَلَمْ تَتَمَحَّضْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا (وَ) يَتَنَصَّفُ بِكُلِّ (فُرْقَةٍ مِنْ قِبَلِهِ أَيْ: الزَّوْجِ كَطَلَاقِهِ) الزَّوْجَةَ قَبْلَ دُخُولٍ وَلَوْ بِسُؤَالِهَا. (وَ) كَ (خُلْفِهِ) إيَّاهَا (وَلَوْ بِسُؤَالِهَا)؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ بِجَوَابِ الزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا فَفَعَلَتْهُ. (وَ) كَ (إسْلَامِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً (مَا عَدَا مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ) لِلْفِرَاقِ مِمَّا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ أُخْتَيْنِ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَأَسْلَمْنَا (وَ) كَ (رِدَّتِهِ، وَشِرَائِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (إيَّاهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ قَبْلَ دُخُولٍ (وَلَوْ) كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهَا (مِنْ مُسْتَحِقٍّ مَهْرَهَا) وَهُوَ سَيِّدُهَا الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِقَبُولِ الزَّوْجِ وَلَا فِعْلَ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ (أَوْ) أَيْ: وَيَتَنَصَّفُ بِكُلِّ فُرْقَةٍ (مِنْ قِبَلِ أَجْنَبِيٍّ كَرَضَاعٍ) أُمًّا أَوْ أُخْتَهُ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنَةَ زَوْجَةٍ لَهُ صُغْرَى رَضَاعًا مُحَرَّمًا (وَنَحْوِهِ) كَوَطْءِ أَبِي الزَّوْجِ أَوْ ابْنَةِ الزَّوْجَةِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ وَنَحْوُهُ حَاكِمٌ عَلَى مُوَلٍّ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ دُخُولٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ فَيَسْقُطُ بِهِ صَدَاقُهَا، وَيَأْتِي فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُفْسِدٍ بِمَا لَزِمَهُ. (وَيُقَرِّرُهُ) أَيْ: الْمَهْرَ (كَامِلًا مَوْتُ) أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (وَلَوْ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ أَوْ) قَتْلِ أَحَدِهِمَا (نَفْسَهُ) لِبُلُوغِ النِّكَاحِ نِهَايَتَهُ فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الِاسْتِيفَاءِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ فَأَوْجَبَ كَمَالَ الْمَهْرِ لَهَا كَالدُّخُولِ (أَوْ) كَانَ (مَوْتُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (بَعْدَ طَلَاقٍ) امْرَأَتَهُ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ (قَبْلَ دُخُولٍ)؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ إذَنْ، وَمُعَامَلَةٌ لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ كَالْفَارِّ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْإِرْثِ، وَالْقَاتِلِ (مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ) قَبْلَ مَوْتِهِ (أَوْ تَرْتَدَّ) عَنْ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ إذَنْ، (وَ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا (وَطْؤُهَا) أَيْ: وَطْءُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ (حَيَّةً فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا) أَوْ بِلَا خَلْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَقْصُودَ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عِوَضُهُ فَإِنْ وَطِئَهَا مَيِّتَةً فَقَدْ تَقَرَّرَ بِالْمَوْتِ أَوْ دُونَ فَرْجٍ فَيَأْتِي أَنَّ اللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ يُقَرِّرُهُ. (وَ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا (خَلْوَةٌ) زَوْجٍ (بِهَا) وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا رُوِيَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَزَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْأَثْرَمُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ " قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ أَوْجَبَ الْمَهْرَ، وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ "، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وَهَذِهِ قَضَايَا اشْتَهَرَتْ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي عَصْرِهِمْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ الْمُسْتَحَقَّ قَدْ وُجِدَ مِنْ جِهَتِهَا فَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْبَدَلُ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَنَّى بِالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ الْخَلْوَةُ عَنْ السَّبَبِ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ} فَعَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ: الْإِفْضَاءُ الْخَلْوَةُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ وَهُوَ الْخَالِي فَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَدْ خَلَا بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ (عَنْ مُمَيِّزٍ، وَبَالِغٍ مُطْلَقًا) أَيْ: مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا (مَعَ عِلْمِهِ) بِالزَّوْجَةِ (وَلَمْ تَمْنَعْهُ) الزَّوْجَةُ مِنْ وَطْئِهَا فَإِنْ مَنَعَتْهُ لَمْ يَتَقَرَّرْ الْمَهْرُ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ التَّامِّ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (يَطَأُ مِثْلُهُ) كَابْنِ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ. (وَ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ (يُوطَأُ مِثْلُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَتَقَرَّرْ الْمَهْرُ (وَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ لِنَحْوِ نَوْمٍ (وَلَوْ) كَانَ (نَائِمًا أَوْ بِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (عَمًى) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ خَفَاءِ ذَلِكَ (أَوْ) كَانَ (بِهِمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ (أَوْ) كَانَ بِ (أَحَدِهِمَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَجَبٍّ) بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ (وَرَتْقٍ) بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ رَتْقَاءَ أَيْ: مَسْدُودَةَ الْفَرْجِ (أَوْ) كَانَ بِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مَانِعٌ (شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ، وَإِحْرَامٍ، وَصَوْمٍ وَاجِبٍ) فَإِذَا خَلَا بِهَا وَلَوْ فِي حَالٍ مِنْ هَذِهِ تَقَرَّرَ الصَّدَاقُ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ نَفْسَهَا مُقَرِّرَةٌ لَهُ لِلْمَهْرِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَلِوُجُودِ التَّسْلِيمِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ التَّمْكِينُ التَّامُّ، وَالْمَنْعُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَيْسَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّمْكِينِ كَمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ. (وَ) يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَامِلًا (لَمْسُ) الزَّوْجِ الزَّوْجَةَ بِشَهْوَةٍ (وَنَظَرٌ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ) وَلَوْ بِلَا خَلْوَةٍ فِيهِمَا نَصًّا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ...} الْآيَةَ، وَحَقِيقَةُ اللَّمْسِ الْتِقَاءُ الْبَشَرَتَيْنِ. (وَ) يُقَرِّرُهُ كَامِلًا (تَقْبِيلُهَا. بِحَضْرَةِ النَّاسِ)؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ أَشْبَهَ الْوَطْءَ. وَ(لَا) يَتَقَرَّرُ الْمَهْرُ كَامِلًا (إنْ تَحَمَّلَتْ بِمَائِهِ) أَيْ: مَنِيِّ الزَّوْجِ بِلَا خَلْوَةٍ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِمْتَاعَ مِنْهُ بِهَا (وَيَثْبُتُ بِهِ) أَيْ: بِتَحَمُّلِ الْمَرْأَةِ مَاءَ رَجُلٍ (نَسَبُ) وَلَدٍ حَمَلَتْ بِهِ مِنْهُ. (وَ) يَثْبُتُ بِهِ (عِدَّةٌ) فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ.
(وَ) يَثْبُتُ بِهِ (مُصَاهَرَةٌ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ، وَابْنِهِ كَمَوْطُوءَتِهِمَا، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَنِيُّ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) غَيْرِ زَوْجِهَا، و(لَا) يَتَثَبَّتُ بِهِ (رَجْعَةٌ) فَلَوْ تَحَمَّلَتْ رَجْعِيَّةٌ بِمَنِيِّ مُطَلَّقِهَا لَمْ يَكُنْ رَجْعِيَّةً وَإِذَا تَحَمَّلَتْ بِمَاءِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ: الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ الْمَخْلُوُّ بِهَا (عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِي الْخَلْوَةِ لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ وَلَا) وُجُوبُ (الْعِدَّةُ) نَصًّا لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الصَّحَابَةِ (وَلَا تَثْبُتُ) بِخَلْوَةٍ (أَحْكَامُ الْوَطْءِ مِنْ إحْصَانٍ) فَلَا يَصِيرَانِ مُحْصَنَيْنِ بِالْخَلْوَةِ بِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الزِّنَا، وَحِلِّهَا (لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا) فَلَا تَحِلُّ بِالْخَلْوَةِ بَلْ بِالْوَطْءِ لِحَدِيثِ " {حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ} (وَنَحْوَهُمَا) كَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَحُصُولِ الرَّجْعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَأْتِي.
وَإِذَا اخْتَلَفَا أَيْ: الزَّوْجَانِ (أَوْ) اخْتَلَفَ (وَرَثَتُهُمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا، وَوَرَثَةُ الْآخَرِ (أَوْ) اخْتَلَفَ (زَوْجٌ، وَوَلِيُّ) نَحْوِ (صَغِيرَةٍ) أَوْ وَلِيٍّ زَوْجٍ نَحْوَ صَغِيرٍ مَعَ زَوْجَةٍ رَشِيدَةٍ أَوْ مَعَ وَلِيٍّ غَيْرِهَا أَوْ مَعَ وَارِثِهَا (فِي قَدْرِ صَدَاقٍ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى عِشْرِينَ فَتَقُولُ بَلْ عَلَى ثَلَاثِينَ (أَوْ) فِي (عَيْنِهِ) بِأَنْ قَالَ: عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَتَقُولُ: بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) بِأَنْ قَالَ: عَلَى عَبْدٍ زِنْجِيٍّ فَقَالَتْ بَلْ أَبْيَضَ (أَوْ) فِي (جِنْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: عَلَى فِضَّةٍ فَتَقُولُ: عَلَى ذَهَبٍ (أَوْ) فِي (مَا يَسْتَقِرُّ بِهِ) الصَّدَاقُ بِأَنْ ادَّعَتْ وَطْئًا أَوْ خَلْوَةً فَأَنْكَرَ (فَقَوْلُ زَوْجٍ) بِيَمِينِهِ (أَوْ وَارِثِهِ) أَوْ وَلِيِّهِ (بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِحَدِيثِ {الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ}؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ، (وَ) إذَا اخْتَلَفَا أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ وَلِيَّاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَوَلِيُّ الْآخَرِ أَوْ وَارِثُهُ (فِي قَبْضٍ) صَدَاقٍ فَقَوْلُهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ (أَوْ) فِي (تَسْمِيَةِ مَهْرِ مِثْلٍ) بِأَنْ قَالَ: لَمْ أُسَمِّ لَك مَهْرًا،، وَقَالَتْ: بَلْ سَمَّيْت لِي قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَقَوْلُهَا) إنْ وُجِدَتْ بِيَمِينِهَا (أَوْ) قَوْلُ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا أَوْ قَوْلُ (وَرَثَتُهَا) إنْ كَانَتْ مَاتَتْ (بِيَمِينٍ)؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ فَقَوْلُهَا قَبْلَ دُخُولٍ، وَبَعْدَهُ فِيمَا يُوَافِقُ مَهْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ قَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى شَيْءٍ أَوْ، وَفَّيْتهَا أَوْ أَبْرَأَتْنِي أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهَا أَلْفًا أَوْ عَرَضًا، وَقَالَ: دَفَعْتُهُ صَدَاقًا، وَقَالَتْ: بَلْ هِبَةً فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَهَا رَدُّ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ صَدَاقِهَا، وَطَلَبُهُ بِصَدَاقِهَا. (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى صَدَاقَيْنِ سِرًّا، وَعَلَانِيَةً) بِأَنْ عَقَدَاهُ سِرًّا بِصَدَاقٍ، وَعَلَانِيَةً بِآخَرَ (أَخَذَ) الزَّوْجُ (بِ) الصَّدَاقِ (الزَّائِدِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِدُ صَدَاقَ السِّرِّ أَوْ الْعَلَانِيَةِ، وَالْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ السِّرُّ أَكْثَرَ فَقَدْ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ الْعَلَانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْعَلَانِيَةُ أَكْثَرَ فَقَدْ بَذَلَ لَهَا الزَّائِدَ فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ زَادَهَا فِي صَدَاقِهَا (وَتَلْحَقُ بِهِ) أَيْ: الْمَهْرِ (زِيَادَةٌ بَعْدَ عَقْدِ) النِّكَاحِ مَا دَامَتْ فِي حِبَالِهِ (فِيمَا يُقَرِّرُهُ) أَيْ: الْمَهْرَ كَامِلًا كَمَوْتٍ، وَدُخُولٍ، وَخَلْوَةٍ. (وَ) فِيمَا (يُنَصِّفُهُ) كَطَلَاقٍ، وَخُلْعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}؛ وَلِأَنَّ مَا بَعْدَ الْعَقْدِ زَمَنٌ لِفَرْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ حَالَةُ الزِّيَادَةِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ فَيَثْبُتُ لِلزِّيَادَةِ حُكْمُ الْمُسَمَّى وَلَا يُغْتَفَرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ (وَتَمْلِكُ) الزِّيَادَةَ (بِهِ) أَيْ: بِجَعْلِهَا (مِنْ حِينِهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ لَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ عَلَى سَبَبِهِ وَلَا وُجُودُهُ فِي حَالِ عَدَمِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ عَقِبَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِعْطَاءُ (فَمَا) زَادَهُ زَوْجٌ (بَعْدَ عِتْقِ زَوْجَةٍ لَهَا) دُونَ سَيِّدِهَا وَكَذَا لَوْ بِيعَتْ ثُمَّ زِيدَتْ فِي صَدَاقِهَا فَالزِّيَادَةُ لِمُشْتَرٍ دُونَ بَائِعٍ (وَلَوْ قَالَ) زَوْجٌ وَقَدْ عَقَدَاهُ سِرًّا بِمَهْرٍ، وَعَلَانِيَةً بِمَهْرٍ (وَهُوَ عَقْدٌ) وَاحِدٌ (أُسِرَّ ثُمَّ أُظْهِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: فَالْوَاجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ، (وَقَالَتْ) الزَّوْجَةُ هُمَا (عَقْدَانِ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الثَّانِي عَقْدٌ صَحِيحٌ يُفِيدُ حُكْمًا كَالْأَوَّلِ وَلَهَا الْمَهْرُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي إنْ دَخَلَ بِهَا وَنَحْوُهُ، وَنِصْفُ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ إنْ ادَّعَى سُقُوطَ نِصْفِهِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ سُئِلَتْ فَإِنْ ادَّعَتْ دُخُولًا فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا ثَانِيًا حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَحَقَّتْ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَا يُسْقِطُ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ جَمِيعَهُ لَزِمَهَا مَا أَقَرَّتْ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ. (وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ عَقْدٍ عَلَى مَهْرٍ) كَمِائَةٍ، (وَعَقَدَاهُ بِأَكْثَرَ) كَمِائَتَيْنِ (تَحَمُّلًا فَالْمَهْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهَا تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا اتِّفَاقٌ عَلَى خِلَافِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ السِّرُّ مِنْ جِنْسِ الْعَلَانِيَةِ أَوْ لَا (وَنَصَّ أَحْمَدُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ (أَنَّهَا تَفِي لِزَوْجِهَا بِمَا، وَعَدَتْ بِهِ شَرَطَتْهُ) اسْتِحْبَابًا لِئَلَّا تَكُونَ غَارَّةً لَهُ وَلِحَدِيثِ {الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ} (وَهَدِيَّةُ زَوْجٍ لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ) نَصًّا (فَمَا) أَهْدَاهُ زَوْجٌ (قَبْلَ عَقْدٍ إنْ وَعَدُوهُ) بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ (وَلَمْ يَفُوا) بِأَنْ يُزَوِّجُوهَا غَيْرَهُ (رَجَعَ بِهَا) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَإِنْ كَانَ الْإِعْرَاضُ مِنْهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ (وَمَا قُبِضَ بِسَبَبِ نِكَاحٍ) أَيْ: قَبَضَهُ بَعْضُ أَقَارِبِهَا كَاَلَّذِي يُسَمُّونَهُ مُشْكِلَةً (فَ) حُكْمُهُ (كَمَهْرٍ فِيمَا يُقَرِّرُ، وَيُنَصِّفُهُ، وَيُسْقِطُهُ وَمَا كَتَبَ فِيهِ الْمَهْرَ لَهَا وَلَوْ طَلُقَتْ) عَمَلًا بِالْعَادَةِ، (وَتُرَدُّ هَدِيَّةٌ) عَلَى زَوْجٍ (فِي كُلِّ فُرْقَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ مُسْقِطَةٍ لِلْمَهْرِ) كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي فُرْقَةٍ قَهْرِيَّةٍ (كَفَسْخٍ) مِنْ قِبَلِهَا (لِفَقْدِ كَفَاءَةٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ وَهَبَ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ فَإِذَا زَالَ مَلَكَ الرُّجُوعَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ (وَتَثْبُتُ) الْهَدِيَّةُ (مَعَ) أَمْرٍ مُقَرَّرٍ لَهُ الْمَهْرُ كَوَطْءٍ، وَخَلْوَةٍ (أَوْ مُقَرَّرٍ لِنِصْفِهِ كَطَلَاقِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَخَذَ) شَيْئًا (بِسَبَبِ عَقْدِ) بَيْعٍ وَنَحْوِهِ (كَدَلَّالٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ فَسَخَ بَيْعَ بَاقِلَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقِفُ عَلَى تَرَاضٍ) كَشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا ثُمَّ يَفْسَخَا الْبَيْعَ (لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ: الْمَأْخُوذَ لِلُزُومِ الْبَيْعِ (وَإِلَّا) يَقِفُ الْفَسْخُ عَلَى تَرَاضٍ كَفَسْخٍ لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ (رَدَّهُ). الْمَأْخُوذَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ، (وَقِيَاسُهُ نِكَاحٌ فُسِخَ لِعَقْدِ كَفَاءَةٍ أَوْ عَيْبٍ فَيَرُدُّهُ) أَيْ: الْمَأْخُوذَ آخِذُهُ (لَا) إنْ فُسِخَ (لِرِدَّةٍ، وَرَضَاعٍ، وَمُخَالَعَةٍ) فَلَا يَرُدُّهُ. هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي النَّظَرِيَّاتِ.
بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَفَتْحِهَا، فَالْكَسْرُ عَلَى إضَافَةِ الْفِعْلِ لِلْمَرْأَةِ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلَةٌ،، وَالْفَتْحُ عَلَى إضَافَتِهِ لِوَلِيِّهَا. وَالتَّفْوِيضُ: الْإِهْمَالُ كَأَنَّ الْمَهْرَ أُهْمِلَ حَيْثُ لَمْ يُسَمَّ. قَالَ الشَّاعِرُ: لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ وَلَا سَرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا أَيْ: مُهْمِلِينَ. (وَ) التَّفْوِيضُ (نَوْعَانِ تَفْوِيضُ بُضْعٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ أَبٌ ابْنَتَهُ الْمُجْبَرَةَ) بِلَا مَهْرٍ (أَوْ) يُزَوِّجَ الْأَبُ (غَيْرَهَا بِإِذْنِهَا) بِلَا مَهْرٍ (أَوْ) يُزَوِّجَ (غَيْرُ الْأَبِ) كَالْأَخِ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ (بِإِذْنِهَا بِلَا مَهْرٍ) فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: {قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَّا مِثْلَ مَا قَضَيْتَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَاصِلَةُ، وَالِاسْتِمْتَاعُ دُونَ الصَّدَاقِ، وَسَوَاءٌ قَالَ: زَوَّجْتُكِ بِلَا مَهْرٍ أَوْ زَادَ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. (وَ) الثَّانِي (تَفْوِيضُ مَهْرٍ) بِأَنْ يَجْعَلَ الْمَهْرَ إلَى رَأْيِ: أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (كَ) قَوْلِهِ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي وَنَحْوَهَا (عَلَى مَا شَاءَتْ) الزَّوْجَةُ (أَوْ) عَلَى مَا (شَاءَ) الزَّوْجُ (أَوْ) عَلَى مَا شَاءَ (فُلَانٌ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ يَقْرُبُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَنَحْوُهُ) كَعَلَى حُكْمِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِك أَوْ حُكْمِ فُلَانٍ (فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِمَا تَقَدَّمَ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِهَا إلَّا عَلَى صَدَاقٍ لَكِنَّهُ مَجْهُولٌ فَسَقَطَ لِجَهَالَتِهِ فَوَجَبَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَوْ فَرَضَ مَهْرَ أَمَةٍ ثُمَّ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ لِسَيِّدِهَا حَالَ الْعَقْدِ (وَلَهَا مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: التَّفْوِيضِ طَلَبُ فَرْضِهِ. (وَ) لَهَا (مَعَ فَسَادِ تَسْمِيَةٍ) كَأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ، وَخِنْزِيرٍ (طَلَبُ فَرْضِهِ) قَبْلَ دُخُولٍ، وَبَعْدَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَخْلُو مِنْ مَهْرٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، (وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (مِنْهُ) أَيْ: مَهْرِ الْمِثْلِ (قَبْلَ فَرْضِهِ) لِانْعِقَادِ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النِّكَاحُ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْجُرْحِ (فَإِنْ تَرَاضَيَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ الْجَائِزَا التَّصَرُّفِ (وَلَوْ عَلَى) شَيْءٍ (قَلِيلٍ صَحَّ) فَرْضُهُ وَلَهَا مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا عَالِمَيْنِ كَانَا أَوْ جَاهِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا فَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنْ مَالٍ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا يَسِيرًا فَقَدْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا وَجَبَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَحْظَةً فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ بَذْلُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَإِلَّا) يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ (فَرَضَهُ حَاكِمٌ بِقَدْرِهِ) أَيْ: مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ مَيْلٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَالنَّقْصُ عَنْهُ مَيْلٌ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَالْمَيْلُ حَرَامٌ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْرَضُ بَدَلُ الْبُضْعِ فَيُقَدَّرُهُ بِقَدْرِهِ كَقِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ أُتْلِفَ، وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيُتَوَصَّلَ إلَى فَرْضِهِ، (وَيَلْزَمُهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ (فَرْضُهُ) لِمَهْرِ الْمِثْلِ (كَ) مَا يَلْزَمُهُمَا (حُكْمِهِ) رَضِيَا بِهِ أَوْ لَا إذَا فَرَضَهُ حَكَمٌ (فَدَلَّ) ذَلِكَ عَلَى (أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ) وَهُوَ هُنَا فَرْضُ الْحَاكِمِ (كَتَقْدِيرِهِ) أَيْ: الْحَاكِمِ (أُجْرَةَ مِثْلٍ أَوْ نَفَقَةً وَنَحْوَهُ) كَتَقْدِيرِ جَعْلِ (حُكْمٌ) أَيْ: يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِحُكْمٍ صَرِيحٍ (فَلَا يُغَيِّرُهُ) أَيْ: التَّقْدِيرُ لِنَحْوِ نَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ (حَاكِمٌ آخَرُ)؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ. لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ) كَيَسْرَةٍ، وَعُسْرَةٍ فِي نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ، وَغَلَاءٍ، وَرُخْصٍ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ تَغَيَّرَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي وَلَيْسَ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ. (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِمُفَوَّضَةٍ (وَ) قَبْلَ (فَرْضِ) حَاكِمٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَرِثَهُ صَاحِبُهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ (وَلَهَا) مَعَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا سَائِرُ مَا يُقَرِّرُ الْمَهْرُ (مَهْرُ نِسَائِهَا) أَيْ: مَهْرُ مِثْلِهَا مُعْتَبَرًا بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ أَقَارِبِهَا كَمَا يَأْتِي لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. (وَإِنْ طَلُقَتْ) مُفَوَّضَةٌ (قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ دُخُولٍ، وَفَرْضِ مَهْرٍ (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُطَلِّقِ (إلَّا الْمُتْعَةُ) نَصًّا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَأَدَاءُ الْوَاجِبِ مِنْ الْإِحْسَانِ فَلَا تَعَارُضَ. وَكُلُّ فُرْقَةٍ يَنْتَصِفُ بِهَا الْمُسَمَّى تُوجِبُ الْمُتْعَةَ إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً، وَكُلُّ فُرْقَةٍ تُسْقِطُ الْمُسَمَّى كَاخْتِلَافِ دِينٍ، وَفَسْخٍ لِرَضَاعٍ مِنْ قِبَلِهَا لَا تَجِبُ بِهِ مُتْعَةٌ لِقِيَامِهَا مَقَامَ نِصْفِ الْمُسَمَّى فَتَسْقُطُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَسْقُطُ فِيهِ (وَهِيَ) أَيْ: الْمُتْعَةُ (مَا يَجِبُ لِحُرَّةٍ أَوْ سَيِّدِ أَمَةٍ عَلَى زَوْجٍ بِطَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرٌ) صَحِيحٌ (مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَوَّضَةَ بُضْعٍ أَوْ مُفَوَّضَةَ مَهْرٍ أَوْ مُسَمًّى لَهَا مَهْرٌ فَاسِدٌ كَخَمْرٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُسْلِمًا، وَذِمِّيَّةً لِعُمُومِ النَّصِّ؛ وَلِأَنَّ مَا يَجِبُ مِنْ الْفَرْضِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، وَالْحُرُّ، وَالرَّقِيقُ كَالْمَهْرِ (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ) أَيْ: الْمُعْسِرِ (قَدَرُهُ) نَصًّا اعْتِبَارًا بِحَالِ الزَّوْجِ لِلْآيَةِ (فَأَعْلَاهَا) أَيْ: الْمُتْعَةِ (خَادِمٌ) إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا، وَالْخَادِمُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَأَدْنَاهَا) إذَا كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا (كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا) أَيْ: الزَّوْجَةَ (فِي صَلَاتِهَا) وَهِيَ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ أَوْ ثَوْبٌ تُصَلِّي فِيهِ بِحَيْثُ يَسْتُرُ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ (وَلَا تَسْقُطُ) الْمُتْعَةُ (إنْ وَهَبَتْهُ) الْمَرْأَةُ (مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ: أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ (قَبْلَ الْفُرْقَةِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا وَهَبَتْهُ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْمُتْعَةُ وَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَإِنْ وَهَبَ الزَّوْجُ لِلْمُفَوَّضَةِ شَيْئًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولٍ، وَفَرَضَ لَهَا الْمُتْعَةَ نَصًّا؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهَا قَبْلَهُ، وَكَنِصْفِ الْمُسَمَّى (وَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ: الْمُفَوَّضَةِ (اسْتَقَرَّ مَهْرُ. الْمِثْلِ) كَالْمُسَمَّى وَكَذَا لَوْ خَلَا بِهَا وَنَحْوُهُ. (وَلَا مُتْعَةَ) لِمُفَوَّضَةٍ (إنْ طَلُقَتْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا بِنَحْوِ) دُخُولٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} ثُمَّ قَالَ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَخَصَّ الْأُولَى بِالْمُتْعَةِ وَالثَّانِيَةَ بِنِصْفِ الْمَفْرُوضِ مَعَ تَقْسِيمِهِ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِ كُلِّ قِسْمٍ بِحُكْمِهِ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَا يَصِحُّ فَرْضُهُ فَكَالْمُسَمَّى يَنْتَصِفُ بِنَحْوِ طَلَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ وَلَا مُتْعَةَ مَعَهُ وَكَذَا لَا مُتْعَةَ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ دُخُولٍ مُطْلَقًا وَحَيْثُ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ. (وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَقَارِبِهَا) أَيْ: الْمُفَوَّضَةِ (كَأُمٍّ، وَخَالَةٍ، وَعَمَّةٍ، وَغَيْرِهِنَّ) كَأُخْتٍ، وَبِنْتِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ (الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ {وَلَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ لِحَسَبِهَا} لِلْأَثَرِ، وَحَسَبُهَا يَخْتَصُّ بِهِ أَقَارِبُهَا، وَيُزَادُ الْمَهْرُ لِذَلِكَ، وَيَقِلُّ لِعَدَمِهِ، وَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي (فِي مَالٍ، وَجَمَالٍ، وَعَقْلٍ، وَأَدَبٍ، وَسِنٍّ، وَبَكَارَةٍ أَوْ ثُيُوبَةٍ وَبَلَدٍ)، وَصَرَاحَةِ نَسَبٍ، وَكُلِّ مَا يَخْتَلِفُ لِأَجْلِهِ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ بَدَلُ مُتْلَفٍ وَهَذِهِ الصِّفَاتُ مَقْصُودَةٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَتْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي نِسَائِهَا (إلَّا دُونَهَا زِيدَتْ بِقَدْرِ فَضِيلَتِهَا؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ فَضِيلَتِهَا تَقْتَضِي زِيَادَةَ مَهْرِهَا) فَتُقَدَّرُ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْفَضِيلَةِ (أَوْ) لَمْ يُوجَدْ فِي نِسَائِهَا (إلَّا فَوْقَهَا نَقَصَتْ بِقَدْرِ نَقْصِهَا) كَأَرْشِ عَيْبٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ نَقْصِ الْمَبِيعِ (وَتُعْتَبَرُ عَادَةُ) نِسَائِهَا (فِي تَأْجِيلٍ) مَهْرٍ أَوْ بَعْضِهِ (وَغَيْرِهِ) كَالتَّخْفِيفِ عَنْ عَشِيرَتِهِنَّ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّخْفِيفَ لِنَحْوِ شَرَفِ زَوْجٍ أَوْ يَسَارِهِ إجْرَاءً لَهَا عَلَى عَادَتِهِنَّ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ) عَادَتُهُنَّ (أَوْ) اخْتَلَفَتْ (الْمُهُورُ أُخِذَ) بِمَهْرِ (وَسَطِ حَالٍ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَمِنْ غَالِبِهِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَقَارِبُ) مِنْ النِّسَاءِ (اُعْتُبِرَ شَبَهُهَا بِنِسَاءِ بَلَدِهَا فَإِنْ عُدِمْنَ أَيْ: نِسَاءُ بَلَدِهَا (فَ) الِاعْتِبَارُ (بِأَقْرَبِ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهَا)؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا صَدَاقُ نِسَائِهَا لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ فَلَمَّا تَعَذَّرَ أَقَارِبُهَا اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ النِّسَاءِ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا تُعْتَبَرُ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ.
(فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ)؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ، وَالْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْ. (وَإِنْ دَخَلَ) أَيْ: وَطِئَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (أَوْ خَلَا بِهَا) فِيهِ (اسْتَقَرَّ) عَلَيْهِ الْمَهْرُ (الْمُسَمَّى) نَصًّا لِمَا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا ". قَالَ الْقَاضِي حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِمَا وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ الْمَهْرُ وَاسْتِقْرَارُهُ بِالْخَلْوَةِ بِقِيَاسِهِ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَطْءٍ وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مَجْنُونٍ فِي) نِكَاحٍ (بَاطِلٍ إجْمَاعًا) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ (أَوْ) وَطْءٍ (بِشُبْهَةٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً عَالِمَةً مُطَاوِعَةً فِيهِمَا (أَوْ) وَطْءِ (مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ (فِي قُبُلٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا} أَيْ: نَالَ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْلَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحِلِّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ؛ وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِبُضْعٍ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ، فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ وَهِيَ الْمَهْرُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ. وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولٍ، وَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ (دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِبِكْرٍ مِثْلِهَا فَلَا يَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ضُمِنَ لِلْقَرِيبِ كَالْمَالِ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَدَلِهِ وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ، وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ. (وَيَتَعَدَّدُ) مَهْرٌ فِي وَطْءِ شُبْهَةٍ (بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ) كَانَ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ زَيْنَبُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا سُرِّيَّتُهُ فَيَجِبُ لَهَا ثَلَاثَةُ مُهُورٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ (وَ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ (إكْرَاهٍ) عَلَى زِنًا وَإِنْ اتَّحَدَ الْإِكْرَاهُ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ، (وَيَجِبُ) مَهْرٌ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) كَالْحَيَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ و(لَا) يَجِبُ مَهْرٌ بِوَطْءِ (مُطَاوِعَةٍ) عَلَى زِنًا؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ بُضْعٍ بِرِضَا مَالِكِهِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (غَيْرَ أَمَةٍ) فَيَجِبُ لِسَيِّدِهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى زَانٍ بِهَا وَلَوْ مُطَاوِعَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بُضْعَهَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِطَوَاعِيَتِهَا (أَوْ) غَيْرَ (مُبَعَّضَةٍ) طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِمُطَاوَعَتِهَا بَلْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا (بِقَدْرِ رِقٍّ)؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهَا مِنْ مَهْرِهَا. (وَعَلَى مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ: بَكَارَةَ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: غَيْرِ زَوْجَتِهِ (بِلَا وَطْءٍ أَرْشُ بَكَارَتِهَا)؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ مَا بَيْنَ مَهْرِهَا بِكْرًا، وَثَيِّبًا ذَكَرَهُ فِي الْإِقْنَاعِ، وَغَيْرِهِ، وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَرْشَهُ حُكُومَةٌ (وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: إذْهَابَ الْعُذْرَةِ (زَوْجٌ) بِلَا وَطْءٍ (ثُمَّ طَلَّقَ) الَّتِي أَذْهَبَ عُذْرَتَهَا بِلَا وَطْءٍ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا أَوْ خَلْوَةٍ وَنَحْوِ قُبْلَةٍ (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ...} الْآيَةَ وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ، وَالْخَلْوَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ وَلِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِغَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ عُذْرَةَ أَمَتِهِ. (وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجٌ مِنْ نِكَاحِهَا فَاسِدٌ) كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ)؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَاحْتَاجَ إلَى إيقَاعِ فُرْقَةٍ كَالصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِلَا فُرْقَةٍ يُفْضِي إلَى تَسْلِيطِ زَوْجَيْنِ عَلَيْهَا كُلُّ وَاحِدٍ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ، وَفَسَادَ نِكَاحِ الْآخَرِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ الْبَاطِلِ (فَإِنْ أَبَاهُمَا) أَيْ: الطَّلَاقَ، وَالْفَسْخَ (زَوْجٌ فَسَخَهُ حَاكِمٌ) نَصًّا لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الثَّانِي وَلَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِثَالِثٍ حَتَّى يُطَلِّقَ الْأَوَّلَانِ أَوْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا. (وَلِزَوْجَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ مَنْعُ نَفْسِهَا) مِنْ زَوْجٍ (حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرًا حَالًّا) مُسَمًّى لَهَا كَانَتْ أَوْ مُفَوَّضَةً حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ بَدَلٍ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ و(لَا) بِمَنْعِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ (مُؤَجَّلًا) وَلَوْ (حَلَّ)؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِهِ (وَلَهَا زَمَنُهُ) أَيْ: لِلزَّوْجَةِ زَمَنُ مَنْعِ نَفْسِهَا لَقَبْض مَهْرٍ حَالَ (النَّفَقَةِ)؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ نَصًّا. (وَ) لِزَوْجَةٍ زَمَنَ مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ مَهْرٍ حَالٍّ (السَّفَرِ بِلَا إذْنِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهَا حَقُّ الْحَبْسِ فَصَارَتْ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَبَقَاءُ دِرْهَمٍ مِنْهُ كَبَقَاءِ جَمِيعِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَمَتَى سَافَرَتْ بِلَا إذْنِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا بَعْدَ الدُّخُولِ (وَلَوْ قَبَضَتْهُ) أَيْ: الْمَهْرَ الْحَالَّ، (وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ بَانَ) الْمَقْبُوضُ (مَعِيبًا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا) حَتَّى تَقْبِضَ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ظَنًّا مِنْهَا أَنَّهَا قَبَضَتْهُ فَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ. (وَلَوْ أَبَى كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (تَسْلِيمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَهْرَ حَتَّى أَتَسَلَّمَهَا، وَقَالَتْ: لَا أُسَلِّمُ نَفْسِي حَتَّى أَقْبِضَ حَالَّ مَهْرِي (أُجْبِرَ زَوْجٌ) أَوَّلًا عَلَى تَسْلِيمِ صَدَاقٍ (ثُمَّ) أُجْبِرَتْ (زَوْجَةٌ) عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ فِي إجْبَارِهَا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا أَوَّلًا خَطَرُ إتْلَافِ الْبُضْعِ، وَالِامْتِنَاعِ مِنْ بَذْلِ الصَّدَاقِ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْبُضْعِ. (وَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (بِهِ) أَيْ: بِبَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ (أُجْبِرَ الْآخَرُ) لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ فِي التَّأْخِيرِ (وَلَوْ أَبَتْ) زَوْجَةٌ (التَّسْلِيمَ) أَيْ: تَسْلِيمَ نَفْسِهَا (بِلَا عُذْرٍ) لَهَا (فَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (اسْتِرْجَاعُ مَهْرٍ قُبِضَ) مِنْهُ (وَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا مُطَاوَعَة (أَوْ خَلَا بِهَا) الزَّوْجُ (مُطَاوِعَةً لَمْ تَمْلِكْ مَنْعَ نَفْسِهَا) مِنْهُ (بَعْدَ) ذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الْعِوَضِ بِالتَّسْلِيمِ بِرِضَاهَا فَإِنْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا مِنْ الِامْتِنَاعِ بَعْدُ لِحُصُولِهِ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَالْمَبِيعِ إذْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ كُرْهًا. (وَإِنْ أَعْسَرَ) زَوْجٌ (بِمَهْرٍ حَالٍّ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولٍ فَلِ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَى الْعِوَضِ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ مُشْتَرٍ بِثَمَنِ (مَا لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ تَزَوَّجَتْهُ (عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ حِينَ الْعَقْدِ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ، (وَالْخِيَرَةُ) فِي الْفَسْخِ (لِ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ) مُكَلَّفَةٍ (وَسَيِّدِ أَمَةٍ)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَهْرِ لَهُمَا، و(لَا) خِيَرَةَ لِ (وَلِيِّ صَغِيرَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ (وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ) لِذَلِكَ (إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ)؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَشْبَهَ الْفَسْخَ لِلْعُنَّةِ، وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، وَمَنْ اعْتَرَفَ لِامْرَأَةٍ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
(وَهِيَ اجْتِمَاعٌ لِطَعَامِ عُرْسٍ خَاصَّةً) يَعْنِي: وَهِيَ طَعَامُ عُرْسٍ لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَلِيمَةً لِاجْتِمَاعِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: أَوْلَمَ الرَّجُلُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ، وَأَصْلُ الْوَلِيمَةِ تَمَامُ الشَّيْءِ وَاجْتِمَاعُهُ، وَيُقَالُ: لِلْقَيْدِ وَلْمٌ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ إلَى الْأُخْرَى (وَحِذَاقٌ) اسْمٌ (لِطَعَامٍ عِنْدَ حِذَاقِ صَبِيٍّ)، وَيَوْمُ حِذَاقِهِ يَوْمُ خَتْمِهِ الْقُرْآنَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ، (وَعَذِيرَةٌ، وَأَعْذَارٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ خِتَانٍ، وَخُرْسَةٌ، وَخُرْسٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ اسْمٌ (لِطَعَامِ وِلَادَةٍ، وَكِيرَةٌ) اسْمٌ (لِدَعْوَةِ بِنَاءٍ). قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ: مَسْكَنٍ مُتَجَدِّدٍ انْتَهَى مِنْ الْوُكُورِ وَهُوَ الْمَأْوَى، (وَنَقِيعَةٌ) اسْمٌ لِطَعَامٍ (لِقُدُومِ غَائِبٍ، وَعَقِيقَةٌ) اسْمٌ (لِذَبْحٍ لِمَوْلُودٍ، وَمَأْدُبَةٌ) بِضَمِّ الدَّالِ اسْمٌ (لِكُلِّ دَعْوَةٍ لِسَبَبٍ، وَغَيْرِهِ، وَوَضِيمَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ مَأْتَمٍ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَأَصْلُهُ اجْتِمَاعُ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ (وَتُحْفَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ قَادِمٍ) فَالتُّحْفَةُ مِنْ الْقَادِمِ، وَالنَّقِيعَةُ لَهُ (وَشُنْدُخُيَةٌ) اسْمٌ (لِطَعَامِ إمْلَاكٍ) أَيْ: عَقْدٍ (عَلَى زَوْجَةٍ وَمِشْدَاخٌ) اسْمٌ (لِ) طَعَامٍ (مَأْكُولٍ فِي خَتْمَةِ الْقَارِئِ وَلَمْ يَخُصُّوهَا) أَيْ: الدَّعْوَةَ (لِإِخَاءٍ، وَتَسَرٍّ بِاسْمٍ) بَلْ الْمَأْدُبَةُ تَشْمَلُهَا، وَقِيلَ: تُطْلَقُ الْوَلِيمَةُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ لِسُرُورٍ حَادِثٍ لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي طَعَامِ الْعُرْسِ أَكْثَرُ (وَتُسَمَّى الدَّعْوَةُ الْعَامَّةُ الْجَفَلَى) بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَاللَّامِ، وَالْقَصْرِ. (وَ) تُسَمَّى الدَّعْوَةَ (الْخَاصَّةَ النَّقَرَى) بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ الشَّاعِرُ: نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى لَا تَرَى الْآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرُ أَيْ: يَخُصُّ قَوْمًا دُونَ آخَرِينَ، وَالْآدِبُ. بِالْمَدِّ صَاحِبُ الْمَأْدُبَةِ، (وَتُسَنُّ الْوَلِيمَةُ بِعَقْدِ نِكَاحٍ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حِينَ قَالَ لَهُ: تَزَوَّجْتَ " أَوْلِمْ " وَلَوْ بِشَاةٍ، وَقَالَ أَنَسٌ {: مَا أَوْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ جَعَلَ يَبْعَثُنِي فَأَدْعُو لَهُ النَّاسَ فَأُطْعِمُهُمْ لَحْمًا، وَخُبْزًا حَتَّى شَبِعُوا} " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِعَقْدٍ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تُسْتَحَبُّ بِالدُّخُولِ. وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ مُوَسَّعٌ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى انْتِهَاءِ الْعُرْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا وَهَذَا، وَكَمَالُ السُّرُورِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَكِنْ قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِيَسِيرٍ. ا هـ. قَالَ جَمْعٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ شَاةٍ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ حَيْسًا كَمَا فِي خَبَرِ أَنَسٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَكَحَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ أَجْزَأَتْهُ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَاهَا لِلْكُلِّ، (وَتَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ) بِالدَّعْوَةِ وَلَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ تَضُرَّ بِكَسْبِهِ (دَاعٍ مُسْلِمٌ يَحْرُمُ هَجْرُهُ وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ (أَوَّلَ مَرَّةٍ بِأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةِ مَرْفُوعًا {شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَا يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَرَسُولَهُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ إلَيْهَا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ لَهُ {مِنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَرَسُولَهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. فَإِن كَانَ الْمَدْعُوُّ مَرِيضًا أَوْ مُمَرِّضًا أَوْ مَشْغُولًا بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ أَوْ وَحْلٍ أَوْ كَانَ أَجِيرًا لَمْ يَأْذَنْهُ مُسْتَأْجِرُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ فَقَالَ (وَتُكْرَهُ إجَابَةُ مَنْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَرَامٌ كَ) كَرَاهَةِ (أَكْلِهِ مِنْهُ، وَمُعَامَلَتِهِ، وَقَبُولِ هَدِيَّتِهِ، وَ) قَبُولِ (هِبَتِهِ وَنَحْوِهِ) كَقَبُولِ صَدَقَتِهِ قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ، وَتَضْعُفُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ، وَقِلَّتِهِ (فَإِنْ) لَمْ يُعَيِّنْهُ بِالدَّعْوَةِ بَلْ (دُعَاءِ الْجَفَلَى)، وَيُقَال الْأَجْفَلِيُّ (كَ) قَوْلِهِ (أَيُّهَا النَّاسُ تَعَالَوْا إلَى الطَّعَامِ)، وَكَقَوْلِ رَسُولِ رَبِّ الْوَلِيمَةِ: أُمِرْتُ أَنْ أَدْعُوَ كُلَّ مَنْ لَقِيتُ أَوْ مَنْ شِئْتُ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ (أَوْ) دَعَاهُ رَبُّ الْوَلِيمَةِ أَوْ رَسُولُهُ بِعَيْنِهِ (فِي) الْمَرَّةِ (الثَّالِثَةِ) بِأَنْ دَعَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ. لِحَدِيثِ {الْوَلِيمَةُ أَوَّلُ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ، وَسُمْعَةٌ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَغَيْرُهُمَا. (أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ)؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُهُ وَهُوَ يُنَافِي إجَابَتَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِكْرَامِ؛ وَلِأَنَّ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِ بِالْحَرَامِ، وَالنَّجَسِ غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَكَذَا مَنْ لَا يَحْرُمُ هَجْرُهُ كَمُبْتَدِعٍ، وَمُجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ. (وَتُسَنُّ) إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَهُ دَاعٍ لِلْوَلِيمَةِ (فِي ثَانِي مَرَّةٍ) كَأَنْ دُعِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ. (وَسَائِرُ الدَّعَوَاتِ) غَيْرَ الْوَلِيمَةِ (مُبَاحَةٌ) فَلَا تُكْرَهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ نَصًّا. أَمَّا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا {إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِجَابَتِهَا وَلَبَيَّنَهَا. وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْبَابِهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفْعَلُ فِي عَهْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَعَهْدِ أَصْحَابِهِ. فَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ: " دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ، وَقَالَ: كُنَّا لَا نَأْتِي خِتَانًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (غَيْرَ عَقِيقَةٍ فَتُسَنُّ)، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (وَ) غَيْرُ دَعْوَةِ (مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ)، وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ. (وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا) أَيْ: الدَّعَوَاتِ غَيْرِ الْوَلِيمَةِ (مُسْتَحَبَّةٌ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا {أَمَرَ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَدْنَى أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَلِمَا فِيهَا مِنْ جَبْرِ قَلْبِ الدَّاعِي، وَتَطْيِيبِ خَاطِرِهِ، وَدُعِيَ أَحْمَدُ إلَى خِتَانٍ فَأَجَابَ، وَأَكَلَ (غَيْرُ مَأْتَمٍ فَتُكْرَهُ) إجَابَةُ دَاعِيهِ لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ. (وَيُسْتَحَبُّ) لِمَنْ حَضَرَ طَعَامًا دُعِيَ إلَيْهِ (أَكْلُهُ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ (صَائِمًا) تَطَوُّعًا. وَرُوِيَ {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي دَعْوَةٍ، وَكَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ عَنْ الْقَوْمِ نَاحِيَةً. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ، وَتَكَلَّفَ لَكُمْ. كُلْ يَوْمًا ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إنْ شِئْتَ} وَلِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ و(لَا) يَأْكُلُ إنْ كَانَ صَوْمُهُ (صَوْمًا وَاجِبًا)؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}؛ وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُصَلِّ يَعْنِي: يَدْعُو، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَجَابَ عَبْدَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُجِيبَ الدَّاعِيَ فَأَدْعُوَ بِالْبَرَكَةِ. وَيُسَنُّ الْإِخْبَارُ بِصَوْمِهِ لِذَلِكَ وَلِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ لِيُعْلَمَ عُذْرُهُ (وَإِنْ أَحَبَّ) الْمُجِيبُ (دَعَا، وَانْصَرَفَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ} قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ. (فَإِنْ دَعَاهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (أَجَابَ الْأَسْبَقَ قَوْلًا) لِوُجُوبِ إجَابَتِهِ بِدُعَائِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِدُعَاءِ مَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ مَعَ إجَابَةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَضْهُ بِأَنْ اخْتَلَفَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ أَجَابَ الْكُلَّ بِشَرْطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ (فَالْأَدْيَنُ) مِنْ الدَّاعِيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدِّينِ (فَالْأَقْرَبُ رَحِمًا) لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَتِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا (فَ) الْأَقْرَبُ (جِوَارًا) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا {إذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا}؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِرِّ فَقُدِّمَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ (أَقْرَعَ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهَا تُمَيِّزُ الْمُسْتَحِقَّ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحُقُوقِ. (وَإِنْ عَلِمَ) الْمَدْعُوُّ (أَنَّ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرًا كَزَمْرٍ، وَخَمْرٍ)، وَآلَةِ لَهْوٍ، (وَأَمْكَنَهُ الْإِنْكَارُ حَضَرَ، وَأَنْكَرَ) لِأَدَائِهِ بِذَلِكَ فَرْضَيْنِ إجَابَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِزَالَةَ الْمُنْكَرِ (وَإِلَّا) يُمْكِنْهُ الْإِنْكَارُ (لَمْ يَحْضُرْ)، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ قَاصِدًا لِرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ أَوْ سَمَاعِهِ بِلَا حَاجَةٍ (وَلَوْ حَضَرَ) بِلَا عِلْمٍ بِالْمُنْكَرِ (فَشَاهَدَهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ (أَزَالَهُ) وُجُوبًا لِلْخَبَرِ، (وَجَلَسَ) بَعْدَ زَوَالِهِ إجَابَةً لِلدَّاعِي (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهِ (انْصَرَفَ) لِئَلَّا يَكُونَ قَاصِدًا لِرُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ، وَرَوَى {نَافِعٌ قَالَ كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ فَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ؟ حَتَّى قُلْت: لَا. فَأَخْرَجَ إصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْخَلَّالُ. وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ فَقَالَ الدَّاعِي: نُحَوِّلُهَا فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ: الْمُنْكَرِ (وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ أُبِيحَ الْجُلُوسُ)، وَالْأَكْلُ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ إذَنْ وَلَهُ الِانْصِرَافُ فَيُخْبِرُ (وَإِنْ شَاهَدَ سُتُورًا مُعَلَّقَةً فِيهَا صُورَةُ حَيَوَانٍ كُرِهَ) جُلُوسُهُ مَا دَامَتْ مُعَلَّقَةً. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْرُمُ. انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَسْتَقْسِمَانِ بِالْأَزْلَامِ فَقَالَ: قَاتَلَهُمْ اللَّهُ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، و(لَا) يُكْرَهُ جُلُوسُهُ (إنْ كَانَتْ) الصُّوَرُ الْمُصَوَّرَةُ (مَبْسُوطَةً) عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ) كَانَتْ (عَلَى وِسَادَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: {قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ لَهُ سَهْوَةً بِنَمَطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟ فَهَتَكَهُ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ مِنْهُ مِنْبَذَتَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا} رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالسَّهْوَةُ الصِّفَةُ أَوْ الْمِخْدَعُ بَيْنَ بَيْتَيْنِ أَوْ شِبْهُ الرَّفِّ، وَالطَّاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ أَوْ بَيْتٌ صَغِيرٌ شِبْهُ الْخِزَانَةِ الصَّغِيرَةِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ يَعْرِضُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْتِعَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمِنْبَذَتَانِ تَثْنِيَةُ مِنْبَذَةٍ كَمِكْنَسَةٍ وَهِيَ الْوِسَادَةُ؛ وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَبْسُوطَةً تُدَاسُ، وَتُمْتَهَنُ. فَلَمْ تَكُنْ مَعْزُوزَةً مُعَظَّمَةً فَلَا تُشْبِهُ الْأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ، وَمَتَى قُطِعَ مِنْ الصُّورَةِ الرَّأْسُ أَوْ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ ذَهَابِهِ حَيَاةٌ، فَلَا كَرَاهَةَ، وَكَذَا لَوْ صُوِّرَتْ ابْتِدَاءً بِلَا رَأْسٍ وَنَحْوِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ يَحْرُمُ التَّصْوِيرُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَكُرِهَ سَتْرُ حِيطَانٍ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ) بِسُتُورٍ (فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ حَيَوَانٍ) كَشَجَرٍ (بِلَا ضَرُورَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ لِمَا رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَأَذِنَ إلَى النَّاسِ فِيمَنْ أَذِنَ أَبُو أَيُّوبَ وَقَدْ سُتِرَ بَيْتِي بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُسْرِعًا فَاطَّلَعَ فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِحُبَارَى أَخْضَرَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَسَتَرْتَ الْجُدُرَ فَقَالَ أَبِي: وَاسْتَحْيَا: غَلَبَتْنَا النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ فَقَالَ: مَنْ خَشِيت أَنْ يَغْلِبْنَهُ لَمْ أَخْشَ أَنْ يَغْلِبْنَكَ ثُمَّ قَالَ لَا أَطْعَمُ لَكَ طَعَامًا وَلَا أَدْخُلُ لَكَ بَيْتًا ثُمَّ خَرَجَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَفُعِلَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ تَغْطِيَةٌ لِلْحِيطَانِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّجْصِيصِ وَالْحَدِيثُ السَّابِقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ) السُّتُورُ (أَوْ يَحْرُمُ بِهِ) أَيْ: يَحْرُمُ سَتْرُ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ، وَتَعْلِيقُهُ، وَتَقَدَّمَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ (وَ) يَحْرُمُ (جُلُوسٌ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ سَتْرِ الْحِيطَانِ بِالْحَرِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُنْكَرِ. (وَ) يَحْرُمُ (أَكْلٌ) بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الطَّعَامِ (أَوْ قَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى إذْنٍ كَتَقْدِيمِ طَعَامٍ، وَدُعَاءٍ إلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ أَكْلُهُ (مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ، وَ) لَوْ (لَمْ يُحْرِزْهُ عَنْهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا، وَخَرَجَ مُغِيرًا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ أَظْهَرُ (وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ، وَتَقْدِيمُ الطَّعَامِ) إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْغُنْيَةِ (أُذِنَ فِيهِ) أَيْ: الْأَكْلِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ " إذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَكَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ (لَا فِي الدُّخُولِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَيْسَ الدُّعَاءُ إذْنًا فِي الدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِلْمُغْنِي. (وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: الطَّعَامَ (مَنْ قُدِّمَ إلَيْهِ) بِتَقْدِيمِهِ لَهُ (بَلْ يَمْلِكُ) الطَّعَامَ بِالْأَكْلِ (عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ لِلْأَكْلِ فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامٍ فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةِ رِضَا مَالِكِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ يُكْرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ يُبَاحُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ. (وَتُسَنُّ التَّسْمِيَةُ جَهْرًا عَلَى أَكْلٍ، وَشُرْبٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا {إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ، وَآخِرَهُ}، وَقِيسَ عَلَيْهِ الشَّرَابُ. (وَ) يُسَنُّ (الْحَمْدُ) أَيْ: أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى (إذَا فَرَغَ) مِنْ أَكْلِهِ أَوْ شُرْبِهِ لِحَدِيثِ {إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ، وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ مَرْفُوعًا {مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَ) يُسَنُّ (أَكْلُهُ مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ) لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ {كُنْت يَتِيمًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ}، وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْوَاعًا أَوْ فَاكِهَةً (وَ) يُسَنُّ أَكْلُهُ (بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا} وَلَمْ يُصَحِّحْ أَحْمَدُ حَدِيثَ أَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا. (وَ) يُسَنُّ (تَخْلِيلُ مَا عَلِقَ بِأَسْنَانِهِ) مِنْ طَعَامٍ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ "، وَذَكَره بَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا. وَرُوِيَ {تَخَلَّلُوا مِنْ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجِدَ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحَ الطَّعَامِ} قَالَ النَّاظِمُ وَيُلْقِي مَا أَخْرَجَهُ الْخِلَالُ وَلَا يَبْتَلِعُهُ لِلْخَبَرِ. (وَ) يُسَنُّ (مَسْحُ الصَّحْفَةِ) الَّتِي أَكَلَ فِيهَا لِلْخَبَرِ. (وَ) يُسَنُّ (أَكْلُ مَا تَنَاثَرَ) مِنْهُ، وَأَكَلَهُ عِنْدَ حُضُورِ رَبِّ الطَّعَامِ، وَإِذْنِهِ. (وَ) يُسَنُّ لِمَنْ أَكَلَ مَعَ غَيْرِهِ (غَضُّ بَصَرِهِ عَنْ جَلِيسِهِ) لِئَلَّا يَسْتَحِيَ. (وَ) يُسَنُّ (إيثَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ...} الْآيَةَ قَالَ أَحْمَدُ يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْآدَابِ وَمَعَ الْعُلَمَاءِ بِالتَّعَلُّمِ (وَشُرْبُهُ ثَلَاثًا) نَصًّا لِلْخَبَرِ. (وَ) يُسَنُّ (غَسْلُ يَدَيْهِ) إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ (قَبْلَ طَعَامٍ) وَإِنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ (مُتَقَدِّمًا بِهِ) أَيْ: الْغَسْلِ (رَبُّهُ) أَيْ: الطَّعَامِ عَلَى الضَّيْفِ إنْ كَانَ (و) غَسْلُ يَدَيْهِ أَيْضًا (بَعْدَهُ) أَيْ: الطَّعَامِ (مُتَأَخِّرًا بِهِ) أَيْ: الْغُسْلِ (رَبُّهُ) أَيْ: الطَّعَامِ عَنْ الضَّيْفِ إنْ كَانَ لِحَدِيثِ {مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إذَا حَضَرَ غِذَاؤُهُ، وَإِذَا رُفِعَ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَبِي بَكْرٍ عَنْ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا {الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ، وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ} يَعْنِي بِهِ: غَسْلَ الْيَدَيْنِ،، وَيُكْرَهُ الْغَسْلُ بِطَعَامٍ وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ، وَغَسْلُهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ نَصًّا، وَيَعْرِضُ الْمَاءُ لِغَسْلِهِمَا، وَيُقَدِّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ وَلَا يَعْرِضُهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ (وَكُرِهَ تَنَفُّسُهُ فِي الْإِنَاءِ) لِئَلَّا يَعُودَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيُقَذِّرُهُ. (وَ) كُرِهَ (رَدُّ شَيْءٍ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ (مِنْ فِيهِ إلَيْهِ) أَيْ: الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ. بِالْخُبْزِ وَلَا يَسْتَبْذِلُهُ وَلَا يَخْلِطُ طَعَامًا بِطَعَامٍ. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: (وَ) كُرِهَ (نَفْخُ الطَّعَامِ) لِيَبْرُدَ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْآدَابِ، وَغَيْرِهِمَا، وَالشَّرَابِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ، وَالشَّرَابِ، وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (وَ) كُرِهَ (أَكْلُهُ) أَيْ: الطَّعَامِ (حَارًّا). وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت: عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ لَا بَرَكَةَ فِيهِ (أَوْ) أَيْ: وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ (مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ أَوْ وَسَطِهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا}. وَفِي لَفْظٍ آخَرَ {كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَدَعُوا ذَرْوَتَهَا يُبَارَكُ فِيهَا} رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ. (وَ) كُرِهَ لِحَاضِرِ مَائِدَةٍ (فِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ) كَتَمَخُّطٍ وَكَذَا الْكَلَامُ بِمَا يُضْحِكُهُمْ أَوْ يُحْزِنُهُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ. (وَ) كُرِهَ لِرَبِّ طَعَامٍ (مَدْحُ طَعَامِهِ، وَتَقْوِيمُهُ)؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنَّ بِهِ، وَحَرَّمَهُمَا فِي الْغُنْيَةِ. (وَ) كُرِهَ (عَيْبُ الطَّعَامِ) لِلْخَبَرِ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغُنْيَةِ. (وَ) كُرِهَ (قِرَانُهُ فِي تَمْرٍ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ شَرِيكٌ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّرَهِ. قَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَمِثْلُهُ قِرَانُ مَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ أَفْرَادًا (وَ) كُرِهَ (أَنْ يَفْجَأَ قَوْمًا عِنْدَ)، وَفِي نُسْخَةٍ حِينَ (وَضْعِ طَعَامِهِمْ تَعَمُّدًا) نَصًّا فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدُهُ أَكَلَ نَصًّا (وَ) كُرِهَ (أَكْلٌ بِشِمَالِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ)؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالشَّيْطَانِ. وَذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الشُّرْبِ إجْمَاعًا. وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ (وَ) كُرِهَ (أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُؤْذِيهِ) فَإِنْ لَمْ يُؤْذِهِ جَازَ، وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَكْلَهُ حَتَّى يُتْخَمَ، وَحَرَّمَهُ أَيْضًا، وَحَرَّمَ الْإِسْرَافَ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ (أَوْ) أَيْ: وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ (قَلِيلَا بِحَيْثُ يَضُرُّهُ) لِحَدِيثِ {لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ}. (وَ) كُرِهَ (شُرْبُهُ مِنْ فَمِ سِقَاءٍ)، وَاخْتِنَاثُ الْأَسْقِيَةِ نَصًّا أَيْ: قَلْبُهَا إلَى خَارِجٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنْ كَسَرَهُ إلَى دَاخِلٍ فَقَدْ قَبَعَهُ، وَيُكْرَهُ الشُّرْبُ مِنْ ثُلْمَةِ الْإِنَاءِ وَإِذَا شَرِبَ نَاوَلَهُ الْأَيْمَنَ لِلْخَبَرِ وَكَذَا فِي غَسْلِ يَدَيْهِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ: وَكَذَا فِي رَشِّ الْمَاءِ، وَرَدَ قُلْتُ: وَكَذَا الْبَخُورُ وَنَحْوُهُ (وَ) كُرِهَ شُرْبٌ (فِي أَثْنَاءِ طَعَامٍ بِلَا عَادَةٍ)؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ قَائِمًا نَصًّا، وَعَنْهُ بَلَى،، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا، وَيَتَوَجَّهُ كَشُرْبٍ. قَالَ شَيْخُنَا ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. (وَ) كُرِهَ (تَعْلِيَةُ قَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ (وَنَحْوِهَا) كَطَبَقٍ (بِخُبْزٍ) نَصًّا لِاسْتِعْمَالِهِ لَهُ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَيْضًا الْخُبْزَ الْكِبَارَ، وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ بَرَكَةٌ، وَذَكَرَهُ مَعْمَرٌ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ قَدَّمَ لَهُمْ طَعَامًا فَكَسَّرَ الْخُبْزَ. قَالَ أَحْمَدُ لِئَلَّا يَعْرِفُوا كَمْ يَأْكُلُونَ، وَيَجُوزُ قَطْعُ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ قَالَهُ أَحْمَدُ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: اللَّحْمُ سَيِّدُ الْأُدْمِ، وَالْخُبْزُ أَفْضَلُ الْقُوتِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ اللَّحْمَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ طَعَامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِجَوْهَرِ الْبَدْرِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ}. (وَ) كُرِهَ (نِثَارٌ، وَالْتِقَاطُهُ) فِي عُرْسٍ، وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ النُّهْبَةِ، وَالتَّزَاحُمِ وَهُوَ يُورِثُ الْخِصَامَ وَالْحِقْدَ وَلِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ {سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ النُّهْبَةِ، وَالْخِلْسَةِ} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَالنُّهْبَى} رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ (وَمَنْ حَصَلَ فِي حَجْرِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَكَسْرِهَا (مِنْهُ) شَيْءٌ فَلَهُ (أَوْ أَخْذُهُ) أَيْ: شَيْءٍ مِنْ النِّثَارِ (فَ) هُوَ (لَهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَقْصِدُ مَالِكُهُ تَمْلِيكَهُ لِمَنْ حَصَلَ فِي حَيِّزِهِ وَقَدْ حَازَهُ مَنْ حَصَلَ فِي حَجْرِهِ أَوْ أَخَذَهُ فَمَلَكَهُ كَالصَّيْدِ إذَا أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ، (وَتُبَاحُ الْمُنَاهَدَةُ)، وَيُقَالُ: النَّهْدُ (وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُفْقَةٍ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ) إنْ لَمْ يَتَسَاوَوْا (وَيَدْفَعُونَهُ إلَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ، وَيَأْكُلُونَ جَمِيعًا فَلَوْ أَكَلَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ) مِنْ رَفِيقِهِ (أَوْ تَصَدَّقَ) بَعْضُهُمْ (مِنْهُ فَلَا بَأْسَ) لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ نَصًّا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ، وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ، وَتَقْدِيمٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ قَالَ: وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ انْتَهَى، أَيْ: عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَالْعُرْفِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَدَبَ، وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ. (وَيُسَنُّ إعْلَانُ نِكَاحٍ وَ) يُسَنُّ (ضَرْبٌ عَلَيْهِ بِدُفٍّ مُبَاحٍ) وَهُوَ مَا لَا حَذَقَ فِيهِ وَلَا صُنُوجَ (فِيهِ) أَيْ: النِّكَاحِ لِحَدِيثِ {أَعْلِنُوا النِّكَاحَ}. وَفِي لَفْظٍ {أَظْهِرُوا النِّكَاحَ} وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ بِالدُّفِّ. وَفِي لَفْظٍ {وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الضَّارِبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: ضَرْبُ الدُّفِّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ. وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَأْسَ بِالْغَزْلِ فِي الْعُرْسِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: {أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ لَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ لَمَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ مَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ} لَا عَلَى مَا يَصْنَعُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَفِي غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْلَا الْحِنْطَةُ الْحَمْرَا لِمَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ، وَتَحْرُمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَى الدُّفِّ كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ، وَرَبَابٍ وَجِنْكٍ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَالتَّرْغِيبِ سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ. (وَ) يُسَنُّ ضَرْبٌ بِدُفٍّ مُبَاحٍ (فِي خِتَانٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ وَنَحْوِهَا) كَوِلَادَةٍ، وَإِمْلَاكٍ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.
|